سخيفة هي الاتهامات التي توجه الى دعوة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بخصوص فتح البحر أمام النازحين السوريين، من باب “إرسال النازحين الى الموت غرقاً”، فالطرح كان واضحاً بأن السفر لن يكون عبر قوارب الموت التي تسعى للهروب من أجل المال فقط، علماً أن الهجوم على الدعوة من هذا المنطلق، تأتي خدمة لعصابات تهريب البشر التي تجني مئات آلاف الدولارات شهرياً ،من خلال تهريب السوريين الى قبرص وبعض الدول الأوروبية.
بالطبع لاجل مقاربة دعوة السيد نصر الله، لا بد من الغوص من الأسباب السياسية والتداعيات السياسية لهذه الدعوة، التي يُدرك الحزب بحسب مصادر متابعة بأنها لا تحلّ ازمة الوجود السوري بلبنان من حيث الأعداد، إنما تؤثر بشكل أكيد على السياسات الأوروبية المعتمدة لمقاربة هذه المشكلة، والتي تقوم بشكل أساسي على تقديم جزء من التمويل لإبقاء السوريين في لبنان.
وبحسب المصادر فإن حزب الله يعتبر أن فتح البحر أمام النازحين سيؤدي الى ثلاث نتائج رئيسية:
– النتيجة الأولى مرتبطة بحجم التمويل الذي يحصل عليه لبنان لاجل تلبية حاجات النازحين بالتحديد، وحاجات اللبنانيين بشكل أقل، فبدل أن يظهر لبنان بمظهر المتسول للحصول على 250 مليون دولار سنوياً، بينما كلفة النازحين المباشرة وغير المباشرة سنوياً تصل الى ما بين 2 و3 مليار دولار، يمكن له أن يحصل على أكثر من ذلك بكثير بحال فُتح البحر.
– النتيجة الثانية مرتبطة بطريقة مقاربة هذا الملف في الدول الأوروبية، إذ عندها ستُدفع الدول الاوروبية للضغط على الولايات المتحدة الأميركية ، التي تمتلك قرار العقوبات على سوريا من خلال قانون قيصر، الذي يُدرك الحزب بالمناسبة أن تعديله لا يحتاج الى قرار من إدارة بايدن فقط بل قرار من الكونغرس الاميركي، كما يُدرك الحزب أن الأوروبيين غير قادرين على فعل ما عجز عنه بعض العرب بالنسبة لمسألة العقوبات على سوريا، ولكنهم قادرون على ممارسة ضغوط على الأميركيين علها تساهم بتعديل الموقف الأميركي من ملف النازحين ومن ملف العقوبات.
– النتيجة الثالثة لا تقل أهمية عن الاولى والثانية، وتتعلق بالتطبيع الأوروبي مع الحكومة السورية، وما هو يسعى إليه الحزب ايضاً من باب ملف النازحين في لبنان وكل المنطقة.
هذه أهداف سياسية يعمل وفقها حزب الله، وأيضاً تسعى الحكومة السورية إليها من باب هذا الملف أيضاً، ولذلك فهذا الخيار بحسب المصادر لا يحصل على إجماع لبناني، فهناك قوى في لبنان ترى أن فتح البحر أمام النازحين سيكون له تداعيات سلبية للغاية على العلاقة مع الجانب الأوروبي، بالإضافة إلى أن هناك من يرى أنه لا يمكن تطبيقه من الناحية الإنسانية، بسبب كونه يحتمل على مخاطرة بحياة بشر.
في المقابل، هناك من يؤكد أنه يساهم في دفع الجانب الأوروبي إلى التحرك بطريقة مختلفة، سواء كان ذلك من ناحية زيادة المساعدات الفعلية إلى لبنان، أو الذهاب إلى إعادة تقييم الوضع في سوريا، من خلال الموافقة على الترحيل إلى المناطق الآمنة وتقديم المساعدات في الداخل السوري، ومن هؤلاء يبرز “التيار الوطني الحر” الذي كان سباقاً بهذ الدعوة في السابق.
إذا، ترى المصادر أن مسألة النازحين معقدة للغاية، لأنها متشعبة وفيها الكثير من السياسة والاقتصاد والأمن والعلاقات السياسية الدولية بين الغرب وسوريا، وبين الغرب ولبنان، وبين العرب وسوريا، وبين المحور وسوريا أيضاً.