في المشهد الداخلي، ينشغلُ اللبنانيون بأمرين على قدر من الأهميّة، الأوّل يتمثّل بالانتخابات البلدية والاختيارية، مع بداية العدّ العكسي للموعد المحدد لإجرائها، أمّا الثاني فينحصر في المضي بمسار الإصلاحات، إذ شدد وزير المالية ياسين جابر على أنَّ “الحكومة الجديدة، بدعم من رئيس الجمهورية، شرعت إلى تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية، كما تسعى إلى إعادة هيكلة القطاع المالي عبر إقرار قانون الفجوة المالية واستراتيجية استعادة الودائع، بما يتماشى مع المعايير الدولية، بالإضافة إلى إصلاحات نقدية مرتقبة في مصرف لبنان.
اللامركزية أساس الإصلاح
توازياً، وفي ظلّ الدعوات المتكررة للحزب التقدمي الإشتراكي لتطبيق اللامركزية الإدارية، وأهميتها في المرحلة المفصلية التي يمرّ بها البلد، باعتبارها بنداً من بنود اتفاق الطائف لم يُنفّذ حتّى اليوم، شدد رئيس “التقدمي” واللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط على أنَّ اللامركزية الإدارية ضرورة وطنية مُلِحَّة، وهي واحدة من الوسائل الأساسية لتحقيق إنماءٍ متوازن يُنهي التمييز بين المناطق، داعياً لتطبيق هذا المبدأ بِلا تأخير ولا تحريف، وإنشاء مجلس الشيوخ.
كلام جنبلاط جاء خلال المؤتمر الذي نظمته حركة التجدد للوطن في قاعة البيال تحت عنوان “اللامركزية.. آن الأوان” بحضور حشد كبير من الوزراء والنواب ورؤساء الأحزاب السياسية.
في الإطار، لفتَ القيادي في “التقدمي” الدكتور وليد صافي إلى أنَّ المطلوب اليوم تطبيق اللامركزية الإدارية، بعقلية اللامركزية، أيّ بخلاف ما جرى سابقاً، على مستوى تجربة البلديات، التي كانت تحت عقلية مركزية، إذ تمَّ حصارها بالرقابة المشددة من السلطة المركزية، بالإضافة إلى حرمانها من الموارد المالية، التي لم تقدّم بشكل كافٍ لتنفيذ الصلاحيات التي ينص عليها القانون، وبالتالي فإن البلديات لم تكن تتمتع من حيث الواقع باستقلالها المالي والاداري.
وإذ شدد صافي على أن لبنان يجب أن يكون بلد المجلسين، أيّ مجلس النواب ومجلس الشيوخ، لخلق توازن وطني وتطوير النظام السياسي، أكّد أنَّ المطلوب اليوم لا مركزية إدارية على كافة المستويات، وأن لا تأخذ بعداً سياسياً أو أمنياً أو مالياً، خصوصاً على مستوى القضاء، على أن يحظى باستقلال مالي وإداري من أجل القيام بمهمة التنمية، وعلى أن تكون التنمية المركزية على عاتق الدولة، إذ يجب أن تتوفّر موارد مالية كبيرة للدولة لتنعكس إيجاباً على صعيد التنمية في المناطق.