ثلاث معضلات تعيشها الانتخابات البلدية والاختيارية في مدينة طرابلس التي تجري غداً الأحد:
1- الأطراف السياسية في المدينة لا يثق بعضها ببعض، فالمتحالفون يحذر بعضهم بعضاً، والمتخاصمون يتوقّعون كلّ شيء خلال يوم الانتخاب.
2- غياب التمويل الواضح للمعركة الانتخابية، وتحديداً البلديّة، مع غياب أيّ استعداد لدى قيادات المدينة لتخصيص ميزانيّات تقوم بسدّ احتياجات الحملة الانتخابية لأيّ لائحة على قاعدة أن لا جدوى من الانتخابات البلديّة و”وفّر قرش البلديّات الأبيض لأيّام الانتخابات النيابية السود” التي ستجري بعد عام بالتمام والكمال.
3- غياب الحماسة الشعبيّة للانتخابات البلديّة وكثرة اللوائح والمرشّحين حتّى إنّ أحد وجهاء المدينة قال إنّ “المرشّحين باتوا أكثر من الناخبين”.
الحديث في مقاهي وصالونات عاصمة الشمال عن الانتخابات البلدية يبدأ من أكوام النفايات المنتشرة في شوارعها وتراشق الاتّهامات عن المسؤول عنها وينتهي بمدى التأثيرات الدولية والإقليمية على مسار تشكيل البلدية. يؤكّد البعض جازماً أنّ دولة قطر تقف خلف إحدى اللوائح وتقدّم لها الدعم المالي واللوجستي، فيما تركيا حاضرة خلف لائحة أخرى، والكلام عن الدور التركي عند الطرابلسيين غير قابل للتشكُّك. يقول أحدهم: “طول عمرهم الشباب مع تركيا”. إلّا أنّ البعد والتدخّل التركيَّين والقطريَّين بالعملية الانتخابية وإن كانا سائدين في المجال العامّ الطرابلسي فلا يمكن نفيهما كما لا يمكن تأكيدهما.
الأطراف السياسية في المدينة لا يثق بعضها ببعض، فالمتحالفون يحذر بعضهم بعضاً، والمتخاصمون يتوقّعون كلّ شيء خلال يوم الانتخاب
أين الرّئيس ميقاتي؟
كلام كثير وروايات متعدّدة يتداولها الطرابلسيون في سياق الاستحقاق البلدي، فلا التحالفات التي عُقدت تمتلك “فذلكة” مقنعة للناس، ولا الخصومات التي فرّقت تستند إلى وقائع يمكن تسويقها بين الناس. المتحالفون لا يجمعهم أيّ مشروع سياسي، والمتخاصمون لم يفترقوا حول مشروع إنمائي خاصّ بالمدينة على الرغم من الاحتياجات المتعدّدة والمتشعّبة إنمائيّاً لطرابلس وأهلها. هي أزمة ثقة، وربّما أبرز وجوهها هو ما يتمّ تداوله عن موقف الرئيس نجيب ميقاتي من الانتخابات ولوائحها. يؤكّد أحد المقرّبين منه لـ”أساس” أنّ الرئيس ميقاتي ما يزال على موقفه الأوّل، ومفاده أنّه على مسافة واحدة من الجميع لا يدعم لائحة مباشرةً ولا يُعادي لائحة أخرى. وعند سؤاله عن اللائحة التوافقية وعن كلام بأنّ التوافق عليها شمله، قال: “كلّ أعضاء اللوائح تربطنا بهم صداقة، وأعضاء اللائحة التوافقية أصدقاؤنا”.
بالمقابل، يقول أحد المسؤولين في ماكينة اللائحة التوافقية إنّ “الرئيس ميقاتي زرع مرشّحين له في كلّ اللوائح، وكان من المفترض أن يقوم بسحب أحمد ذوق من الانتخابات، إلّا أنّ الأخير أعلن لائحة ولم ينسحب”.
يضيف: “مسؤولة قطاع المرأة بجمعية العزم جنان مبيّض أطلقت حركة نسويّة وفرضت مرشّحات تحت هذا الشعار على كلّ اللوائح، ويمكن اعتبار المرشّحات في حال فوزهنّ من حصّة الرئيس ميقاتي”.
يقول أحد المسؤولين في ماكينة اللائحة التوافقية إنّ “الرئيس ميقاتي زرع مرشّحين له في كلّ اللوائح، وكان من المفترض أن يقوم بسحب أحمد ذوق من الانتخابات، إلّا أنّ الأخير أعلن لائحة ولم ينسحب”
أربع مفاجآت ولوائح
تخوض أربع لوائح رئيسية الانتخابات البلدية في طرابلس، وخلفها عدد مماثل من اللوائح التي لا فائدة من ذكرها أو استذكارها، إن بسبب ضعفها التمثيلي وعدم تأثيرها بالمعركة، أو لِما يُتوقّع لها من انسحابات مفاجئة في الساعات والأمتار الأخيرة على قاعدة أنّها لوائح خُلّبيّة لخدمة إحدى اللوائح الأربع الرئيسية.
1- لائحة “رؤية طرابلس”: هي اللائحة التوافقية في المدينة ويدعمها النوّاب أشرف ريفي، فيصل كرامي، طه ناجي وكريم كبّارة، إضافة إلى جمعيّات عريقة وهيئات مدنية. يرأس اللائحة عضو المجلس البلدي الحالي الدكتور عبدالحميد كريمة الذي تربطه قرابة بالوزير الأسبق عمر مسقاوي، ويحظى باحترام المدينة وفعّاليّاتها وعائلاتها المتوسّطة والميسورة، حتّى إنّ أحد المتابعين قال عنه إنّه مرشّح غرب المدينة، أي الأحياء الراقية فيها. أعضاء لائحة “رؤية طرابلس” شخصيّات تمتلك سجلّات علميّة لافتة، لكن يؤخذ على بعضها ابتعادهم عن الشارع الطرابلسي.
2- لائحة “نسيج طرابلس”: هي اللائحة المدعومة من النائب إيهاب مطر وتُوجَّه لها أصابع الاتّهام بتلقّيها دعماً قطريّاً، ودخلتها تيّارات إسلامية بشكل رئيسي، وأبرزها جمعيّة الإرشاد والإصلاح، جمعيّة عمران، والتجمّع المهنيّ للإصلاح، وهو تجمّع انشقّ أخيراً عن الجماعة الإسلامية. يرأس هذه اللائحة المهندس وائل زمرلي، وهو رجل يحظى باحترام رجال الأعمال في المدينة.
3- لائحة “حرّاس المدينة”: هي لائحة يجزم الطرابلسيون أنّها مدعومة من تركيا، وتحظى بدعم الجماعة الإسلامية، إضافة إلى تجمّع حرّاس المدينة الذي برز منذ عام 2015، ويرأس اللائحة خالد تدمري المعروف بعلاقته المهنية والأكاديمية والبحثيّة مع تركيا.
4- لائحة “طرابلس.. عاصمة”: هي لائحة يرأسها أحمد ذوق المقرّب من الرئيس نجيب ميقاتي، والذي طُرح اسمه لرئاسة اللائحة التوافقية ووافقت عليه معظم القيادات السياسية، إلّا أنّ رفض النائب فيصل كرامي له منعه من رئاسة اللائحة التوافقية.