اختار “حزب الله” أمس توقيت زيارته الأولى العلنية لقصر بعبدا غداة إعلان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم تمسكه بالسلاح. وقرنَ “الحزب” القول بالفعل باعتراض سيارة تابعة لـ “اليونيفيل” في منطقة الليلكي بالضاحية الجنوبية لبيروت. كما ترافق لقاء بعبدا مع إعلان السلطات السورية ضبط شحنة صواريخ كانت تعبر سوريا إلى “الحزب” في لبنان.
وبدت هذه الزيارة التي جرى تعليق الآمال عليها سابقاً بأنها تمثل كذبة في سياق تضييع الفرص على لبنان في مرحلة دقيقة من تاريخه. ولا تفيد هنا كل العبارات التي استخدمها رئيس وفد “الحزب” النائب محمد رعد التي أراد فيها تزيين العلاقات بين حارة حريك وبين رئيس الجمهورية جوزاف عون طالما أن الزيارة رافقها “التسويف والمماطلة واللعب على الألفاظ في ما يتعلق بقرار “الحزب” حول السلاح” وفق تقدير المراقبين. ورأى هؤلاء أن تضييع الفرص “يفسر لماذا لم يدع رئيس الجمهورية إلى لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بينما دعيَ الرئيس السوري أحمد الشرع، ما يعكس استياء أميركياً من أن الأمور في لبنان تسير ببطء شديد وسط تموضع رسمي لبناني في الرهان على التطورات الخارجية الأميركية الإيرانية”.
وعلمت “نداء الوطن” أن زيارة وفد “كتلة الوفاء للمقاومة” تشكل تمهيداً للحوار الذي ينوي الرئيس عون عقده ريثما تنضج الظروف. وفي المعلومات أن عون شرح للوفد كل ما يحيط بالوضع العام وخصوصاً لجهة بسط الدولة سيطرتها على كامل الأراضي وتمسّك بكل تصاريحه السابقة، في حين كان موقف الكتلة نابعاً من مواقفهم التي تؤكد ضرورة تحرير الأسرى وانسحاب اسرائيل ووقف الخروقات قبل البحث بأي أمر آخر. وفي الخلاصة لا يزال عون عند موقفه بحصرية السلاح و”الحزب” متمسك بانتظار انطلاق الحوار.
خطاب قاسم خطير ولبنان في حلقة مفرغة
وقرأت أوساط دبلوماسية عربية عبر “نداء الوطن” الخطاب الأخير للأمين العام لـ “حزب الله” بأنه يعود إلى ما قبل الحرب انطلاقاً من معادلة جيش وشعب ومقاومة. وكرر قاسم معادلة “الاستقرار مقابل الإعمار” والتمسك بمسألة المقاومة والسلاح. إنه كلام خطير”.
وتطرقت إلى زيارة رعد والوفد المرافق فقالت إن “الحزب” يدرك “حجم الضغط الأميركي الكبير على رئيسي الجمهورية والحكومة للقول نحن نتكلم مع الرئيس عون. لكن في الجوهر الأمور واقفة”. أضافت: “خطاب الشيخ قاسم عالي السقف والنبرة وكأن لا شيء تغير: فليس هناك سلطة سياسية ، ولا حدود قد أقفلت بين لبنان وسوريا، ولا أقفلت الحدود مع إسرائيل التي تستهدفهم يومياً في وقت ليس بمقدورهم الرد، وليس المشروع الإيراني الكبير في المنطقة في أزمة”.
وتابعت: “كأن “حزب الله” ما زال في مرحلة يتحكم فيها بالقرار الأمني والعسكري والسياسي وبقرار الحدود مع سوريا وإسرائيل”. ورأت في تصريح النائب رعد أمس و”كأنه يقول لا نريد أن نضع رئيس الجمهورية في وجهنا. تنازل في الشكل ولا تنازل في المضمون”.
وخلصت الأوساط إلى القول إن “حزب الله” أكد أنه “ليس في وارد إنهاء مشروعه المسلح وأن إيران لا تريد أن يتخلى “حزب الله” عن مشروعه. وفي المقابل، تكتفي السلطة على لسان رئيسي الجمهورية والحكومة بتسجيل المواقف المبدئية المتصلة بالسيادة لكن لا خطوات على أرض الواقع . إن لبنان يدور في الحلقة المفرغة”.