لا رابط، في الشكل، بين زيارة وفد “الحزب” لقصر بعبدا وبين بدء الحوار الثنائي، الذي أعلنه سابقاً الرئيس جوزف عون لبحث مسألة حصر السلاح بيد الدولة، وفق أجندة إلزامية بسحبه من شمال الليطاني، بعد جنوبه. لكنّ اللقاء بحدّ ذاته كرّس وجود علامات فارقة في كلّ ما يرتبط بملفّ السلاح، أبرزها التباين الواضح في أسلوب التعاطي بهذا الملفّ بين عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام.
أتى توقيت زيارة وفد “الحزب” لرئيس الجمهورية، يوم الإثنين، في ظلّ معطيَين “داخليَّين”:
– كلامٌ مفصليّ أطلَقه الأمين العامّ لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم، لمناسبة ذكرى التحرير، وَضَع من خلاله خطّاً مع المرحلة الفاصلة عن توقيع قرار وقف إطلاق النار: الحرب لم تنتهِ، و”لا تطلبوا منّا شيئاً بعد الآن، قبل انسحاب إسرائيل ووقف اعتداءاتها”. كرّر قاسم حديثه عن “الخيارات الأخرى إذا فشلت الدولة في أدائها، ولا تسألوني ما هي هذه الخيارات. لكنّ المقاومة هي الحلّ الطبيعي عندما لا يكون الجيش قادراً، والسَند عندما يكون قادراً”.
اللافت جدّاً في كلام قاسم ذكره بالأسماء لداعمي المقاومة في مسيرتها، من الرئيس الأسبق إميل لحّود، ورئيس الحكومة الراحل سليم الحص، من دون ذكر للرئيس السابق ميشال عون، مع توجيه شكر خاصّ لقائد الجيش العماد رودولف هيكل الذي أصدر بياناً، كما قال قاسم، “عبّر فيه عن وطنيّته، ووطنيّة الجيش ودوره”.
وفق معلومات “أساس” شكّل كلام الأمين العامّ جزءاً من الحديث بين وفد “الحزب” والرئيس عون، لجهة تأكيد النائب رعد صعوبة الخوض بملفّ السلاح ونهائيّة مصيره في ظلّ الانتهاكات الفاضحة التي تسجّلها إسرائيل يوميّاً بحقّ الاتّفاق واللبنانيّين، وعدم إعطاء أيّ إشارة جدّيّة في مسألة إعادة الإعمار.
وفق مطّلعين، لا يزال رهان رئاسيّ على إنجاز تسوية ما، بمساعدة خارجية، أميركية-إيرانية تحديداً، تدفع باتّجاه القيام بـupdate على الاتّفاق
يُذكر في هذا السياق أنّ “الحزب” كان انقطع عن تشكيل وفد لزيارة حليفه السابق ميشال عون في ذكرى التحرير، التي كان الأخير يُصدر بيانات لمناسبتها، وذلك بعد جفاء لَفَحَ العلاقة في آخر سنوات العهد.
– تزامن لقاء عون – “الحزب” مع انتهاء الانتخابات البلدية وفرز نتائج الاقتراع في الجنوب التي سجّلت “فوزاً” للثنائي الشيعي بالبلديّات سواء بالتزكية أو بـ”معارك الصناديق”، لا سيما في مدينتَي النبطية وصور حيث للمعركة دلالات سياسية، مع تسجيل خروقات محدودة، بعضها للمفارقة بين مرشّحين محسوبين على الثنائي توزّعوا على لوائح متنافسة.
الحزب
يُشار إلى خرق سياسيّ لافت في دير الزهراني، أحد معاقل حركة “أمل”، من خلال مُرشّحَين من الحزب الشيوعي، مع تسجيل خروقات بوجه مرشّحي “أمل” أكثر بكثير من المرشّحين المحسوبين على “الحزب”، كما في بلدة تبنين مثلاً، قضاء بنت جبيل، مسقط رأس الرئيس نبيه برّي. وسجّلت بلدة الزرارية، قضاء صور، نموذجاً خاصّاً لتعرّض لائحة الثنائي لخروقات كبيرة أبرزت حجم المعارضة في البلدة، لكن على خلفيّة إنمائيّة أوّلاً. كان متوقّعاً انخفاض نسب الاقتراع في كلّ المحافظات، باستثناء بيروت التي سجّلت ارتفاعاً قدره واحد في المئة تقريباً، مقارنة بالانتخابات الماضية.
بين عون وسلام
يَرصد “الحزب” بهدوء اختلاف المقاربة بين الرئيسين عون وسلام في شأن السلاح. الأوّل يتحدّث عن حوار “من دون تسرّع أو مواجهة من أجل حصر السلاح بيد الدولة”، وعن “تمثيل الحزب لشريحة لبنانية”، والثاني يفتي “بعدم السكوت عن بقاء السلاح خارج الدولة”، مع تجنّب تزكية خيار الحوار، في ظلّ قطع طريق النقاش بين الضاحية والسراي، بعكس مرحلة حكومة نجيب ميقاتي. وأمس حمّل سلام، في كلمته من دبي، “ثنائية السلاح” مسؤوليّة ضياع مشروع الدولة، محمّلاً “الحزب” أيضاً، من دون أن يُسمّيه، مسؤوليّة وضع البلد في وضعيّة الارتهان وساحة للصراعات.
تتحدّث بعض قيادات “الحزب” عن أداء الرئاسة الأولى “المسؤول” في ما يتعلّق بلائحة الإملاءات التي تسوّقها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط
تتحدّث بعض قيادات “الحزب” عن أداء الرئاسة الأولى “المسؤول” في ما يتعلّق بلائحة الإملاءات التي تسوّقها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في الإعلام وفي الكواليس. حتّى إنّ من داخل “الحزب” من وصلته، سابقاً، “معلومة” عن تسجيل الرئيس عون اعتراضه على تصرّف أورتاغوس في زيارتها الأولى للبنان في 7 شباط الماضي، حين أعربت عن “امتنانها لإسرائيل على هزيمة “الحزب”، مع تسجيل شكر للرئيسين عون وسلام على التأكّد أنّ “الحزب” ليس جزءاً من الحكومة، بأيّ شكل من الأشكال، ويظلّ منزوع السلاح ومهزوماً عسكريّاً”.
قالت أورتاغوس كلمتها قبل يوم واحد من تأليف حكومة ضمّت وزيرين محسوبين بالكامل على “الحزب”. هذا ما استدعى موقفاً رئاسيّاً معترضاً، لم يَعرِف به كُثر، وَصَل إلى حدّ عدم الردّ على اتّصال أورتاغوس “من أجل التوضيح”، وهو ما أدّى يومها إلى تدخّل زميلها “السابق” آموس هوكستين لتقريب وجهات النظر بينهما، إضافة إلى البيان الرئاسي الذي تنصّل من كلام المبعوثة الأميركية التي ألزمت إدارتها يومها بكلام، لم يُنفّذ، حين أشارت إلى “تاريخ 18 شباط لإعادة انتشار الجيش بعد إنهاء الجيش الإسرائيلي انسحابه، وهذا تاريخ نلتزمه بشدّة”.
تحدّث النائب رعد أمس عن “مساحة تفاهم واسعة مع عون يُعوَّل عليها”، وبدا كمن يُحرّر “الحزب” من أيّ التزامات في شأن موضوع السلاح “حيث لا نرى أنفسنا مُلزمين بتوقيت أو مكان أو أسلوب”، في الوقت الذي يتحدّث فيه لبنان الرسمي عن تاريخ منتصف حزيران لبدء تسليم السلاح الفلسطيني في ثلاثة مخيّمات من أصل 12. وكان لافتاً نقلُ رعد عن رئيس الجمهورية “حرصه على تحقيق أولويّات حفظ السيادة، وإنهاء الاحتلال، ووقف الخروقات”.
يَرصد “الحزب” بهدوء اختلاف المقاربة بين الرئيسين عون وسلام في شأن السلاح
Update للاتّفاق؟
وفق مطّلعين، لا يزال رهان رئاسيّ على إنجاز تسوية ما، بمساعدة خارجية، أميركية-إيرانية تحديداً، تدفع باتّجاه القيام بـupdate على الاتّفاق يرتكز على التزامن في الخطوات بين “الحزب” وإسرائيل، وقد تكون باكورته تسليم أسرى “الحزب”، الذي سيضغط عليه باتّجاه خطوة مقابلة ترتبط بمسألة تسليم السلاح شمال الليطاني.