علّقت مصادر سياسية متابعة لـ “نداء الوطن” على مواقف الموفد الأميركي، فاعتبرت أنّها ليست “زلّة لسان أو سوء تعبير” بل توضع في خانة الضغط الدبلوماسي “المقصود” على السلطة السياسية و”حزب الله” في آن معًا، كي يتوقف الطرفان عن المراوغة ومحاولة كسب الوقت، ويباشرا سريعًا في إجراءات نزع سلاح “الحزب” والفصائل الفلسطينية، وفقًا لما نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار والورقة الأميركية.
واعتبرت المصادر أنّ ما يجب أن يخيف اللبنانيين هو التهديد المباشر الذي وجّهه نائب مسؤول منطقة البقاع في “حزب الله” السيد فيصل شكر، بما يثبت أنّ “الحزب” لا يزال ينتهج الأسلوب نفسه حيال كلّ من يعارض خطّه السياسي وولاءه لإيران وتمسّكه بدويلته.
وكان شكر قد ألقى خطابًا تصعيديًا قال فيه “لمن في الداخل الذين يردّدون كلمات نزع السلاح… نقول كلمتين، نحن سننزع أرواحكم… لأنّ كل شي يمكن أن يكون محور مزاح ونقاش وحوار، إلا السلاح…”.
بدورها، ذكرت “الراي الكوريتية” أنه لم تكن بيروت خرجتْ بعد من تأثير «الصُداع» الذي أصابها وهي تفكّك «شيفرة» المواقف التي أعلنها خلال زيارته «بلاد الأرز»، حتى عاود الموفدُ الأميركي توماس براك، «الكرّةَ» مُطْلِقاً جولة جديدة من «دبلوماسية الصدمة»، قبل أن يوضحها أمس، مؤكداً أن تحذيراته في شأن سوريا و«العودة إلى بلاد الشام»، «فُهمت خطأً»، موضحاً أنها «لم تكن تهديداً للبنان».
وأضافت “الراي”، إذ كان لبنان مازال مشدوداً لكيفية تلقُّف واشنطن الجوابَ الذي حمّله كبارُ المسؤولين إلى براك على الورقة التي سبق أن طَرَحَها حول سلاح «حزب الله» ووجوب سحْبه بتوقيتٍ مضبوطٍ على ساعة التحولات الإقليمية التي تسير «بسرعة هائلة»، أطلّ المبعوث الأميركي إلى سوريا وسفير بلاده إلى تركيا، من نيويورك، الجمعة، بكلامٍ بارز:
– وسّع في جانبٍ منه دائرة الالتباساتِ بإزاء الآليات اللبنانية لسحْب السلاح ودور «حزب الله» في الموافقة على ذلك وتأثير هذا القبول على المسارِ الذي يتعيّن أن يمرّ عبر مجلس الوزراء ويكون الجيش اللبناني «الوعاء» التنفيذي له.
– وأَوْغَلَ في التحذير من «المخاطر الوجودية» التي تترتّب على عدم «لحاق لبنان بالركب» و«الانضمام إلى صفوف» المتغيرات «فكلّ مَن حوله سيفعلون ذلك» في لحظة «يعاود فيها تدوير مستقبل الجميع».
فبراك، الذي تستعدّ بيروت لعودته في الأسبوعين المقبلين في «جولة إياب» من مهمته الشائكة، يُنتظر أن تحمل الردّ الأميركي على الردّ اللبناني، بدا في تصريحاتٍ نقلتْها عنه وسائلُ إعلام عدة أكثر وضوحاً في تحديد ما هو «على المحك» للبنان في حال بالغ في اختبار «صبرَ أيوب» للرئيس دونالد ترامب «والذي ليس بلا حدود»، مقارباً للمرة الأولى مسألة بالغة الحساسية والخطورة وفق معادلة «إذا لم يحلّ لبنان قضية سلاح حزب الله قد يواجه تهديداً وجودياً ويعود إلى بلاد الشام».
ونقلت صحيفة «ذا ناشونال» عن براك «هناك إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن سوريا تُثْبِت وجودها بسرعة كبيرة، وإذا لم يتحرّك لبنان، فستعود بلاد الشام من جديد»، مستخدماً الاسم التاريخي للمنطقة السورية.
وأضاف: «يقول السوريون إنّ لبنان منتجعنا الساحلي. لذا علينا التحرّك. وأنا أعلم مدى إحباط الشعب اللبناني. وهذا يُحْبِطُني».
وأوضح رداً على سؤال من صحيفة «عرب نيوز»، أن أي عملية لنزع سلاح الحزب يجب أن تقودها الحكومة، وبموافقة من الحزب نفسه.
وقال «يجب أن تبدأ هذه العملية بمجلس الوزراء. عليهم أن يُقرّوا التفويض. وعلى حزب الله، الحزب السياسي، أن يوافق على ذلك».
وتابع «في رأيي، حزب الله – كحزب سياسي – ينظر إلى الأمور ويقول بمنطقية: من أجل شعبنا، يجب أن يرتكز نجاح لبنان على جمع السنّة والشيعة والدروز والمسيحيين معاً. الآن هو الوقت. كيف نصل إلى ذلك؟ يجب أن تكون إسرائيل جزءاً من هذه العملية».
ولفت الى أنه «اذا تم التوصل الى توافق داخل مجلس الوزراء وبين رؤساء رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس النواب ووافق حزب الله تدريجياً على التخلي عن أسلحته الثقيلة، فإن ذلك قد يشكل بداية. فالجميع في لبنان يحمل سلاحاً خفيفاً، لكن الحديث هنا عن الأسلحة التي يمكن أن تؤثر على إسرائيل. هذه عملية تحتاج إلى دعم وإلى أن يتم تمكين الجيش اللبناني للقيام بمهمة جمْع الأسلحة. كل هذه العناصر يجب أن تحدث في وقت واحد: تمكين الجيش، الذي يتمتع باحترام واسع بين اللبنانيين، ثم، بهدوء، مع حزب الله، ولينٍ يمكنهم أن يقولوا: إليكم آلية إعادة الأسلحة وجمْعه من دون إشعال حرب أهلية. لأن هذه الأسلحة مخزنة في مرائب وسراديب تحت الأرض وتحت المنازل. اذا حصل ذلك فهذا مسار… هذه القطع يجب أن تأتي معاً».
محادثات خلف الكواليس
وأشار براك، بحسب «عرب نيوز» إلى أن الولايات المتحدة سهّلت محادثات خلف الكواليس بين لبنان وإسرائيل «رغم الحظر القانوني الذي يفرضه لبنان على الاتصال المباشر».
وقال «شكّلنا فريقاً تفاوضياً وبدأنا بدور الوسيط، وأعتقد أن هذا يحدث بكثرة».
وأضاف «انهم (المسؤولون اللبنانيون) راضون بالستاتيكو السياسي – حتى لا يعودون كذلك. ما الذي سيغيّر ذلك؟ ما سيغير ذلك هو انهم سينقرضون».
وختم مؤكداً «أعتقد أن هذه الحكومة مستعدة، هم يتصدون للقضايا. لن نتهاون معهم. نقول لهم: هل تريدون مساعدتنا؟ ها هي. لن نُملي عليكم أي شيء. إن لم ترغبوا، فلا مشكلة – سنعود إلى ديارنا».