الليطاني يجف.. والمنتزهات تُقفل أبوابها في ذروة الصيف!

هجر عدد من أصحاب المنتزهات الصيفية عند ضفاف نهر الليطاني في محلة “القاسمية”، أماكن رزقهم قسراً. وضَب هؤلاء أغراضهم وعادوا بها مجدداً إلى مستودعاتهم بإنتظار حلول الصيف القادم. وهذه المرة لم يكن الدافع وراء ذلك حرباً أو جائحة فرضت عليهم قرار مغادرة المنطقة. فالسبب المباشر كان “نشفان” مجرى النهر في منطقة الشلالات التي لطالما كانت من أغزر المناطق وقبلة للسابحين والمتنزهين على مدار المواسم في العقود الماضية.

شح لا مثيل له

لم يشهد النهر الذي يصب في البحر على بعد كيلومترات قليلة، شمال صور، شحاً، كما هو حاصل اليوم في ذروة الموسم السياحي. إذ يعود ذلك وفق بعض أصحاب المنتزهات والمسابح، إلى تحويل قسم من المياه المتدفقة من منابع النهر في منطقة “قناطر” الزرارية نحو نفق مشروع ري الليطاني لخدمة بساتين الموز والحمضيات، إلى جانب تراجع هطولات الأمطار خلال الشتاء المنصرم وتراجع كبير في منسوب بحيرة القرعون تجاوز 60% وشبه اختفاء للينابيع في جوار النهر الذي يعاني من تلوث جراء اجتياح مجاري الصرف الصحي في عدد من النقاط.

كل هذه المشاكل، دفعت الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم مسابح خاصة إلى إنهاء موسمهم الصيفي قبل أوانه بنحو شهرين. وهو بالنسبة إليهم خشبة الخلاص لما يشكله من مردود اقتصادي لعائلاتهم التي لا تبارح النهر لحوالي أربعة أشهر متواصلة فيصبح بمثابة بيتهم الثاني.

النشاط السياحي معطّل

ماجد دهيني، ابن قرية بدياس المجاورة للنهر، واحد من أصحاب المنتزهات المقامة على قطعة أرض خاصة به ملاصقة لمجرى المياه. أكمل منذ أيام نقل الطاولات والكراسي وغيرهما من المستلزمات إلى قريته بعدما فقد الأمل من عودة الزبائن والزوار لاستراحته.

يعمل دهيني في استراحته كجيرانه ممن تضرروا من هذا الوضع المقلق منذ نحو ثلاثين عاماً. ويقول لـ”المدن”، إنه وخلال كل تلك الفترة لم يشهد مثيلاً لهذا الجفاف في النهر وتحديداً في محلة القاسمية، وهو ما رتب ضياع فرص عمل لعائلات كثيرة، كان النهر يشكل ملاذها في موسم السياحة والاصطياف.

يؤكد أحد العاملين المرافقين لدهيني في كل مواسم السياحة وينتهز فصل الصيف لتأمين مردود مالي جيد “إن إقفال الاستراحة نتيجة جفاف المياه في مجرى النهر أدى إلى فقدانه فرصة عمل اعتاد عليها منذ سنوات، وكانت أيضاً تؤمن حياة أفضل لصاحب المنتزه وعائلته التي كانت تتكاتف مجتمعة في تسيير العمل ليلاً نهاراً”. ويقول العامل لـ”المدن”، إن أكثر من عشرة مستثمرين كانوا ضحية ما اقترفته الطبيعة.

خيار الآبار الأرتوازية

ووفق إحدى أفراد عائلة مالك متنزه زهراء الأمين، فإن جفاف النهر في المنطقة انعكس سلبياً وبقوة على نشاط العمل في الاستراحة، لا سيما أن النهر هو بمنزلة امتداد لها ويفضله الكثير من المتنزهين خاصة الأولاد الذين يستمتعون بالسباحة في الحالات العادية.

وأكدت الأمين في حديثها لـ”المدن” أنه أمر مؤسف أن تخسر الكثير من العائلات هذا الموسم، كونه ليس بمقدورها إنشاء مسابح تعوض هذه الأزمة المستجدة.

ويلفت نصر مروة أن منتزهه لم يتأثر كثيراً بجفاف النهر، وأن الحركة والنشاط السياحيين يسيران بشكل طبيعي كونه يملك بئراً ارتوازية ومسبحاً يؤديان الغرض المطلوب، مضيفاً أن المشكلة كانت عند جيراننا الذين هجروا استراحاتهم بغصة.

ما طال أصحاب العديد من المنتزهات، لم يوفر رعاة الماشية من أبناء البلدات المجاورة، ومنها إرزي والزرارية الذين يقصدون النهر لإرواء قطعان الماعز في هذا الحر.

ويقول أحد الرعاة عباس متيرك إن جفاف النهر في هذه المحلة تحديداً تسبب لنا بمعاناة كبيرة، لأننا كنا نعتمد على مياه النهر لسقي الماشية.

اترك تعليق