فيما رسم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون السقف السياسي لجلسة مجلس الوزراء المقرّرة الثلاثاء المقبل للبحث في ملف حصرية السلاح بيد الدولة، لجأت إسرائيل إلى تصعيد جوي عنيف طاول البقاع والجنوب في آن، ونشطت الاتصالات على مستويات رفيعة بحثاً عن مخارج لهذا الواقع الذي أنتجته الضغوط الخارجية لفرض وقائع معينة بطريقة إسقاطية على الداخل، وخصوصاً على مجلس الوزراء، بواسطة بعض القوى السياسية الداخلية التي لم تقدّر المسار الإيجابي الذي وصلت إليه الأوضاع، بعد ثمانية أشهر على إعلان الاتفاق على وقف اطلاق النار الذي لم تلتزمه إسرائيل، على حدّ قول مصادر معنية لـ»الجمهورية».
على وقع المستور الذي كشفه رئيس الجمهورية في عيد الجيش حول المفاوضات مع الجانب الأميركي والردّ اللبناني على المقترحات الأميركية وما لقيه من ردود فعل، وفي ظل التحضير لـ«جلسة السلاح» وما يرافقه من مواقف متباينة، جال رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد على كل من الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وقالت مصادر معنية لـ«الجمهورية»، انّ هذه الجولة «تندرج في إطار الحوار والنقاش الجاري بين المعنيين لتجنيب البلاد أي تصعيد، في ظل استجابة البعض في الداخل للضغوط الخارجية، ومحاولة الولايات المتحدة الأميركية لفرض إيقاع معيّن على لبنان، في الوقت الذي لم تقدّم للمسؤولين اللبنانيين أي ضمانات لالتزام إسرائيل وقف اطلاق النار والانسحاب إلى الحدود في مقابل موضوع حصرية السلاح وخلافه.
وأضافت المصادر، انّ الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك غادر لبنان واعداً بالعودة بجواب على ما حمّله المسؤولون اللبنانيون إياه، ولكنه لم يعد بعد بأي ردّ حتى عبر البريد الديبلوماسي، في وقت تبلّغوا منه بطريقة ما، انّ الجانب الإسرائيلي لم يطّلع على الورقة اللبنانية، وإذ بالردّ الإسرائيلي يأتي أمس رسائل بالنار من خلال القصف الجوي العنيف الذي طاول شمال الليطاني في الجنوب وعمق منطقة البقاع، بذريعة استهداف بنى عسكرية تحتية لحزب الله.
خطة الأمن القومي
في هذه الأثناء، فإنّ أربعة أيام تفصل عن جلسة مجلس الوزراء المقررة في القصر الجمهوري الثلاثاء المقبل، للبحث في ملف حصرية السلاح واستكمال تنفيذ البيان الوزاري.
وقال مصدر سياسي بارز لـ«الجمهورية»، إنّ هذا الملف لن يُحسم في جلسة واحدة، إنما سيفتح حواراً داخل الحكومة فيه، تمهيداً للانطلاق في حوار وطني حول خطة الأمن القومي التي وردت في خطاب القَسَم الرئاسي وتبنّتها الحكومة في بيانها الوزاري. وستعرض الحكومة ما طُبّق من اتفاق وقف إطلاق النار والآلية المقترحة في ورقة الموفد الأميركي توم برّاك.
وكشف المصدر، انّ رئيس الحكومة نواف سلام لن يرفع تصوراً محدداً، وإنما سيذهب إلى منطق الأمور الذي يقول، إنّ الجيش اللبناني وضع خطة من المفتوض أن تُنفّذ. وسأل المصدر: «مَن الذي سيتولّى تسليم السلاح شمال الليطاني كما يطلب البعض؟ أليس الجيش اللبناني؟ والجيش حالياً مكلّف خطة انتشار يعوق العدو الإسرائيلي تنفيذها جنوب الليطاني، كما أنّ الورقة الأميركية مرفوضة بالصيغة التي أتت بها ولم تُقرّ».
وتوقّع المصدر تحديد جلسة ثانية لمجلس الوزراء، يُستدعى إليها قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية، لتقديم عرض استكمالاً للجلسة الحكومية التي انعقدت قبل أشهر.