بعد سنوات من الجمود والتوتر السياسي، بدأ ملف النزوح السوري في لبنان يشهد تحركًا عمليًا وجديًا مع انطلاق تنفيذ خطة رسمية تشرف عليها الأجهزة الأمنية اللبنانية، بدعم سياسي غير مسبوق على المستويات العليا. تهدف الخطة إلى إعادة النازحين تدريجيًا قبل نهاية العام، ضمن قرار داخلي مدعوم دوليًا.
وفي هذا السياق، كشف الصحافي داوود رمال لموقع mtvأن الخطة تُنفّذ بإشراف مباشر من المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء حسن شقير، وتسير “ككرة ثلج” نحو عودة شاملة، بحيث لن يبقى في لبنان سوى السوريين الحاصلين على إقامة شرعية لأسباب العمل.
وأكد رمال أن الدعم الأوروبي واضح، ويعزى ذلك إلى الجهود التي بذلها رئيس الجمهورية جوزاف عون في مناسبات دولية عدّة، معتمدًا على المبادئ التي طرحها في خطاب القسم.
وأوضح أن هناك ممانعة من الامم المتحدة ومحاولة عرقلة لخطّة العودة، لكن الأمن العام اللبناني يرفض الضغوط ويمضي قدمًا في التنفيذ، معتبرًا أنّ القرار هذه المرة واضح ومستقل. ووصف الخطة بأنّها تمثّل فرصة ذهبيّة للنازحين للعودة الطوعيّة، مدعومةً بمساعدات ماليّة، وترميم المنازل المتضرّرة داخل سوريا، فيما سيُترك ملف المنازل المهدّمة إلى خطّة إعادة الإعمار المستقبليّة التي ستوفّر فرص عمل واسعة داخل سوريا، ما قد يدفع لبنان إلى تنظيم استقدام اليد العاملة السوريّة بشكل رسمي، خصوصًا في القطاعات التي يفضّل اللبنانيّون عدم العمل فيها.
وذكر رمال أنّ هذه الخطة تحظى للمرة الأولى بإجماع سياسي وطني شامل، من القوى الممثلة وغير الممثلة في الحكومة، بعدما سقطت الذرائع الأمنيّة التي كانت تبرّر استمرار النزوح، ولا سيما تلك المتعلقة بالنظام السوري السابق.
وكشف عن وجود تنسيق أمني مستمرّ وغير معلن بين الأمن العام في لبنان وسوريا لدعم تنفيذ العودة.
وأشار إلى أنّ تجربة عودة 70 عائلة كانت خطوة أولى تجريبيّة، وسيتبعها قريبًا عودة نحو 4 آلاف عائلة. كما أكّد أنّ أيّ نازح يرحل يُشطب اسمه نهائيًا من قوائم المساعدات، ولا يمكنه المطالبة بأيّ دعم في حال عاد سرًّا إلى لبنان.
تبدو هذه الخطّة فرصة فريدة لإنهاء أزمة استنزفت لبنان لسنوات، عبر تعاون داخلي وإقليمي ودولي يضع نهاية قريبة لوضع معقّد وطويل، مع احتمال أن يعيد لبنان ترتيب أولويّاته الاقتصاديّة والاجتماعيّة ويخفّف العبء الكبير الذي شكّله النزوح على موارده ومجتمعه.