اسباب خروج “الثنائي” عن قبول ورقة براك بعد موافقة سابقة؟

تطورات متسارعة شهدتها البلاد مذ فاجأ رئيس الحكومة نواف سلام مجلس الوزراء بتبني الجدولة الزمنية لسحب سلاح “حزب الله” وتكليف الجيش وضع الخطة التنفيذية لها، وفقاً لما أوردته ورقة الموفد الاميركي توم براك قبل ان تقر الجلسة الثانية أهداف تلك الورقة، ما وضع الحزب في حالة إرباك ان لم تكن صدمة، بعدما سقطت كل التفاهمات السابقة التي قيل انها حصلت ان مع رئيس الجمهورية ان لا اجراءات تنفيذية قبل استكمال الحوار معه ومع القوى السياسية الاخرى، وان مع براك الذي كان وافق خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت ومحادثاته على تفاصيل وردت في الرد اللبناني وعمل عليها رئيس المجلس نبيه بري تكملة للمبادىء العامة الواردة في الورقة الرسمية الموحدة التي سلمها رئيس الجمهورية إلى براك وحملها الأخير إلى واشنطن. وبدلاً من ان يقر مجلس الوزراء هذه النسخة، تسلم رداً أميركياً جديداً نسف التفاهمات السابقة، ودفع بعض الاوساط إلى الترويج ان براك لن يعود إلى بيروت بعدما سحب الملف من يده بسبب تنازلات وافق عليها في محادثاته مع بري، وان نائبة الموفد الاميركي السابقة مورغان اورتاغوس ستعود وتتولى الملف اللبناني.
ad

الثابت حتى الان ان براك سيعود في زيارة رابعة إلى بيروت، لاستكمال تنفيذ ورقته، من دون ان يعني ذلك ان الزيارة المرتقبة لن تكون الأخيرة. اما على الصعيد الداخلي، فإن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سيستكملان ما بدآ به، وان كانت الكرة باتت في ملعب قيادة الجيش التي سيكون عليها وضع الخطة التنفيذية في الأسبوعين المقبلين الفاصلين عن نهاية مهلة ٣١ آب لرفع تلك الخطة إلى مجلس الوزراء لدرسها واقرارها. وبعد ساعات قليلة على تصريح وزيرة البيئة تمارا الزين ان الجيش لن يكون في مقدوره وضع هكذا خطة تعجيزية، مستندة إلى ما قاله وزير الدفاع ميشال منسى على طاولة مجلس الوزراء، جاء تفجير مستودع الأسلحة بعناصر الجيش ليوجه رسالة علنية إلى المؤسسة العسكرية كما إلى الدولة بأن السلاح لن يسلم، وترافق ذلك مع إعلان مباشر من النائب محمد رعد في هذا المعنى. والخشية الآن من استدراج الجيش إلى المواجهة مع الحزب، بعدما نفذ انتشاراً امنياً واسعاً في العاصمة لمنع الانزلاق إلى اي عمليات أمنية متفلتة تجري تحت عنوان ردود فعل “عفوية” تخرج عن السيطرة وتفتح البلاد على الخيارات السلبية الخطيرة.
يعترف الثنائي بأن مرحلة جديدة قد بدأت حيث لا يملك الكلمة الفصل، وهذا يعني بحسب اوساط قريبة منه ان العمل سيكون “على القطعة”، اي ان كل ملف او محطة او حدث سيتم التعامل معه في حينها، مع تأكيد على معادلة جديدة ان الوزراء الشيعة في الحكومة مستمرون في عملهم ولن يستقيلوا او ينسحبوا.

اولى الخطوات العملية وكما سبق واعلن عنها بيان لحركة “امل” وآخر للحزب يكمن في “تصحيح” القرارات الحكومية والسعي للعودة إلى ما كان تم التفاهم عليه. وبحسب المعلومات، فإن الثنائي يعتبر انه تعرض لنوع من الخديعة. فالاتفاق السابق كان ينطلق من الاتفاق الأم، اي اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه الحزب ولا يزال، ولحظ الاتفاق ان يتخذ القرار في مجلس الوزراء بعد شهرين على ان يسبقه حوار يقوده رئيس الجمهورية مع القوى السياسية بما فيها الحزب. إلا ان ورقة براك الأخيرة فرضت اتخاذ القرار فوراً وقبل اي حوار خشية من ان تكون مهلة الشهرين للتمييع. ومن ابرز التعديلات التي ادخلها براك ايضاً اجراءات تتصل بمزارع شبعا حيث أسقطت الاشارة اليها، كما في ما يتصل بمياه الوزاني. كما اسقط عبارة “الضمانات” التي كان واردة حيال ضمان تنفيذ وقف النار، ليستعاض عنها بعبارة “ممارسة الضغوط”. ما افقد الورقة اي ضمانات مع اسرائيل على حد تعبير اوساط الثنائي. وعليه، تصف هذه الأوساط عمل الثنائي على طريقة “المياومين”، مبدية خشيتها من ان الأغلبية الحاكمة اليوم اتخذت قرارات يؤمل الا تؤدي إلى ما وصفته بـ”ضعضعة ” الموقف اللبناني خلال المفاوضات مع اسرائيل، الأمر الذي حصل في نظرها.

اترك تعليق