تنعقد جلسة مجلس الوزراء بعد غد الأربعاء بجدول أعمال إداري عاديّ، بحضور الوزراء الشّيعة، بعد تجاوز مطبّ جلستيّ السّلاح، وبمناخ سياسي “يُرحل” استقالة وزراء الثنائي الشيعي إلى مدى غير منظور، تحت سقف قرار أبلغه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وفق المعلومات، إلى دائرته الضيّقة ومفاده: لا استقالة من الحكومة، ولا استقالة للنواب الشّيعة الـ27 من مجلس النواب.
يَكثر الحديث عن تمايزات بين الثنائي الشيعي حول أزمة السّلاح. هي تمايزات موجودة فعلاً، وتُترجم إحداها، بتلويح “الحزب” بالاستقالة، مقابل قرار صارم من الرئيس برّي برفض هذا الخيار حتّى لو بلغ التصعيد السياسي مداه، مع تسجيل تباينات في الحدّة بين مواقف قيادات الطرفين، حيال مجريات جلستيّ الخامس والسابع من آب، في شأن قرارات الحكومة حول السّلاح.
التمايز الأكثر وضوحاً ينعكس في التعاطي مع الشارع: الحزب “يُدير”، عن بعد، التظاهرات المتنقّلة في المناطق، التي يصفها عضو الشورى في “الحزب” النائب محمد رعد بـ”الأمر الطبيعي”، وإن لدواعِ خاصّة بالحزب نفسه، ينفي أن تكون صادرة بأوامر عن قيادته. أمّا حركة “أمل” فأصدرت تعميماً داخليّاً، لم يُنشر في الإعلام، بمنع أنصارها من المشاركة في التظاهرات “تحت طائلة العقوبة”.
لكن مع ذلك، تجزم أوساط مطلعة بأنّ “جبهة المواجهة السياسية التي يعتمدها الثنائي الشيعي حيال مسألة السّلاح غير قابلة للتصدّع، والنائب رعد نفسه اعتبر أنّ الرهان على تفكّكها خطأ كبير. كما أنّ القرار بين الحليفين الشيعيين واضح وصارم بتجنّب الاصطدام مع الجيش المكلّف من قبل الحكومة، بوضع خطة تطبيقية لحصر السّلاح، وعرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الحالي. التنسيق الأهم بين “الثنائي” الشيعي هو التوافق على عدم تغطية قرار الحكومة الأخير قبل قيام إسرائيل بالخطوة الأولى المتعلّقة بالانسحاب ووقف الاغتيالات المستمرة بشكل يومي”.
يَكثر الحديث عن تمايزات بين الثنائي الشيعي حول أزمة السّلاح. هي تمايزات موجودة فعلاً، وتُترجم إحداها، بتلويح “الحزب” بالاستقالة
لا خطّة حتّى الآن
تحتلّ هذه التمايزات حيّزاً مهمّاً من مشهد التوتّر العامّ الذي سيبلغ مداه نهاية الشهر الحالي مع الموعد المفترض لتقديم الجيش الخطّة المكلّف بها.
لكن بخلاف كلّ التسريبات التي تحدّثت عن أنّ الخطّة شبه جاهزة، فإنّ معلومات “أساس” تؤكّد أنّ لا خطّة حتّى الآن، وفق التصوّر الذي طلبته الحكومة. فقائد الجيش نفسه أنهى زيارة إلى بريطانيا، حيث شارك في الاجتماع السنوي التاسع لمجموعة Dragon group، بحضور عدد كبير من قادة جيوش العالم، وهي المرّة الأولى التي يشارك قائد جيش لبناني بهكذا اجتماع. ومن بريطانيا انتقل إلى الولايات المتحدة الاميركية التي عاد منها أمس إلى بيروت.
الثنائي
في الشكل، وفق متابعين، تحتاج الخطّة التفصيلية إلى وقت أطول من المدّة المحدّدة لتسليمها نهاية الشهر الحالي، لا سيما أنّها تشمل كافة الأراضي اللبنانية، وسلاح “الحزب” كما السّلاح الفلسطيني، وتحتاج قبل أيّ شئ آخر إلى تنسيق وثيق مع “الحزب”، هو فعلياً غير مؤمّن بسبب رفض “الحزب” لقرارات الحكومة الأخيرة، وبسبب التوتر الذي سيطر على خط الضاحية-بعبدا-السراي. مع ذلك، سيجهد المعنيون لإنجاز خطّة عامّة، تبقى تفاصيلها العسكرية الدقيقة والتقنيّة قيد التداول الضيّق بسبب حساسيّتها، وضرورة عدم تسريبها، لتقديمها في الوقت المحدّد إلى مجلس الوزراء.
أمّا في المضمون، فقرار الحكومة نَقَلَ الجيش من موقع المتلقّي لأوامر السلطة السياسية، إلى طرف في الملف طالما أنّ المطلوب منه بالحرف الواحد: “وضع خطة لنزع سلاح الحزب، مُحدّدة بمهل زمنية واضحة، ومُلزمة، ثم تنفيذها”.
هي مهمّة ألقيت على عاتق الجيش، تُقابلها ممانعة كبيرة من جانب “الحزب” بتسليم سلاحه تحت الضغط، من دون التزام إسرائيل أوّلاً بالانسحاب من النقاط الخمس المحتلّة، وتحرير الأسرى، ووقف الاغتيالات والاعتداءات، وتأمين ضمانات في ما يتعلّق بإعادة الإعمار”.
تكتفي مصادر عسكرية بالقول لـ”أساس”: “نحن جيش وطني ننفّذ ما تطلبه السلطة السياسية، مع خط أحمر عريض هو تجنّب الاصطدام الداخلي
ّالجيش: لا للاصطدام الداخلي
وضعت الحكومة كرة النار بيد الجيش، فيما كان متاحاً، بتأكيد أوساط سياسية بارزة، إحالة هذه المهمّة إلى المجلس الأعلى للدفاع، أو تشكيل لجنة سياسية- عسكرية- تقنيّة لإعداد خطّة، تحتاج إلى توافق سياسي صلب، وإلا تبقى حبراً على ورق، أو مادّة لكسب مزيد من الوقت الفاصل، إمّا عن التسوية الكبرى، أو الاصطدام الكبير. فيما الأخطر أنّ الخطّة، التي تشمل إسرائيل وسورياً أيضاً، يقتصر الضغط لتنفيذها على لبنان فقط، وحمّلت الجيش عبئاً إضافياً انعكس في البيان الصادر عنه الذي حذّر “من تعريض أمن البلد للخطر من خلال تحرّكات غير محسوبة النتائج”.
تكتفي مصادر عسكرية بالقول لـ”أساس”: “نحن جيش وطنيّ ننفّذ ما تطلبه السلطة السياسية، مع خطّ أحمر عريض هو تجنّب الاصطدام الداخلي. يجب عدم إدخال الجيش بأيّ نوع من التراشق السياسي، أو تصفية الحسابات، وما أنجز حتى اليوم على مستوى جنوب الليطاني يُقدّم نموذجاً عن آليّة عمل الجيش الذي عمل تحت سقف قرار هذه السلطة وتوجيهاتها”.