لاريجاني في بيروت لـ “تعويم” أوراق التفاوض مع واشنطن..

تنشغل بيروت غداً بزيارةِ ممثّل المرشد الأعلى الإيراني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني، التي تأتي على وهج ملامح أزمةٍ سياسية داخل لبنان على خلفية اتخاذ حكومة الرئيس نواف سلام قراراً بسحْب سلاح “حزب الله” الذي أعلن “التمرّد” على هذا المسار “حتى الموت”، وطلائع أزمةٍ دبلوماسية مع طهران بفعل خرْقها الأعراف والقواعد في العلاقات بين الدول عبر مواقف من كبار مسؤوليها جزمتْ أن ترسانة الحزب، الذي تحوّل بمثابة “التنظيم المارد” بين أذرعها، لن تُنزَع و”هذا حلم لن يتحقق”.

وتتقاطع زيارةُ لاريجاني مع جلسةٍ يعقدها مجلس الوزراء، سيغيب عنها موضوعُ سحْبِ السلاح بحلول نهاية السنة والذي يَنتظر وضْعَ الجيش خطته التنفيذية قبل 31 الشهر، فيما سيَحضر وزراء الثنائي الشيعي، “حزب الله” وحركة “أمل” بعدما كانا انسحبا من جلسة الخميس الماضي التي أقرّت الأهداف الـ 11 الواردة في مقدمة مقترَح الموفد الأميركي توماس براك، وذهبت تالياً خطوة إضافية في مسار تفكيك ترسانة الحزب.

وعلى وقع مناخاتٍ سياسية أقرب إلى “عاصفة سلبية” تجاه إيران والتصريحات التي اعتُبرت “عدائية” تجاه سيادة الدولة اللبنانية وتعدياً على حقّها الذي “لا شريك لها” فيه برسم سياساتها وتقرير مصيرها وشعبها، فإن لاريجاني الذي برزت دعواتٌ على مواقع التواصل الاجتماعي من مناصرين لـ “حزب الله” لاستقباله على طريق مطار رفيق الحريري الدولي، سيُجري محادثاتٍ مع رئيسيْ الجمهورية جوزاف عون والبرلمان نبيه بري وسلام على أن يلتقي أيضاً قيادة “حزب الله” ومسؤولين روحيين وشخصيات سياسية من “محور الممانعة” وأخرى فلسطينية.

وفيما أعطتْ تصريحاتُ لاريجاني من العراق إشاراتٍ إلى منحى “تراجُعي” عن الشكل النافر في التدخل بالشؤون اللبنانية، فإنّ التدقيق في مواقفه يؤشر إلى مرونةٍ في الشكل أكثر منها في المضمون، حيث أكد “أن لبنان والعراق يتمتعان بالوعي والشجاعة الكافيين ولا يحتاجان إلى أي توصية أو توجيه من إيران”، وان “حزب الله وسائر قوى المقاومة لا تحتاج لوصاية أو قيادة من أحد”، وصولاً لتأكيده أن “جبهة المقاومة جزء لا يتجزأ من شعوب المنطقة، وتُعتبر كل مجموعة من هذه المجموعات ثروة وطنية في بلدها، ولديها فهم جيد للوضع (…) وأعتقد أنه ينبغي بذل كل الجهود للحفاظ على هذه القدرة”.

سيناريوهان لإيران حيال لبنان

من هنا، رأتْ أوساط واسعة الاطلاع أن إيران تواجه تعقيداتٍ أكبر في ملفّ “حزب الله” ومستقبله من دون أن يُعرف بعد كيف يمكن أن توفّق بين نقطتين شائكتين:

– الأولى أن قطار سحب سلاح الحزب وُضع على السكة، بعدما صار الحزب بين “فكّي كماشة” استعجال الخارج الدولة اللبنانية بت هذا الملف، وتحفّز إسرائيل الدائم لاستئناف الحرب، وهو ما يَعني أن طهران التي تريد الجلوس مجدداً على “طاولة النووي” وفي جيْبها أوراق قوتها الإقليمية، تقف أمام خطر “احتراق” الذراع الأقوى، بالكامل سواء بـ “نار” صِدام داخلي بحال ذهب الحزب حتى النهاية في معاندة قرار الدولة بسحب سلاحه، أو بنيران فوهات تل أبيب إذا لم تمض بيروت في مسار تفكيك ترسانته جنوب الليطاني وشماله.

– والثانية أن أي سيناريوهاتٍ التفافية مثل تكرار نموذج «الحشد الشعبي» لجهة قوننة «حزب الله»، أو دمجه في الجيش اللبناني، دونها «خط أحمر» أميركي عبّر عنه «الاتفاق الجانبي» بين واشنطن وتل أبيب الملحق باتفاق 27 نوفمبر، ورفض لبناني كان عبّر عنه عون حين اعتبر أن لبنان «لن يستنسخ تجربة الحشد الشعبي في العراق باستيعاب حزب الله في الجيش، ولا أن يكون وحدة مستقلة داخله»، ناهيك عن اعتبار خصوم الحزب أن أي صيغ بهذا المعني لن تعني بالنسبة الى الخارج إلا «أن الجيش صار حزب الله».

اترك تعليق