المسافة بين القصر الجمهوري في بعبدا وبين مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بضعة كيلومترات، لكنها بالنسبة إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي لاريجاني طويلةٌ جدًا، فما سمعه المسؤول الإيراني في بعبدا، ولاحقًا في السراي، يناقض ما قاله في عين التينة، خصوصًا أن الرئيس بري هو عرَّاب دعوة لاريجاني، فانقلب السحر على الساحر.
لاريجاني سمع من رئيس الجمهورية أن “اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين، غير مساعدة”.
لم يرد لاريجاني من بعبدا، بل انتظر ليصل إلى عين التينة ليقول: “الذي يتدخل بشؤون لبنان الداخلية هو الذي يزوّدكم بجدول زمني”.
كان واضحًا أن لاريجاني شاء أن يصفي حسابات بلاده مع واشنطن من لبنان، من خلال أكثر من موقف علني، ومن هذه المواقف: “لم نأت بأي ورقة إليكم كما فعل الأميركيون، وننصحكم بالمحافظة على المقاومة وتقديرها”.
كلام الرئيس عون حاسم
رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كان حاسمًا في ما أبلغه إلى لاريجاني، وأبرزه: “إن الصداقة التي نريد أن تجمع بين لبنان وإيران يجب ألا تكون من خلال طائفة واحدة أو مكوّن لبناني واحد بل مع جميع اللبنانيين”.
كما أكد رفضه “أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة أتى”، وقال: “نريد أن تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز”.
وأكد أن “الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن أمن جميع اللبنانيين من دون أي استثناء، وأي تحديات تأتي من العدو الإسرائيلي أو من غيره، هي تحديات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، وأهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين”.
حزم عون يباغت لاريجاني
وعلمت “نداء الوطن” أن الكلام الحازم الذي أدلى به عون أمام لاريجاني جاء في معرض الاعتراض على التصريحات الإيرانية، وتفاجأ لاريجاني بموقف عون ما دفعه إلى التعامل بليونة حيث أكد أنه هو المسؤول عن الملف اللبناني وما صدر عنه يعبر عن موقف إيران، فقاطعه عون وأشار إلى التصريحات الإيرانية التي اعترضت على القرار الحكومي، فأشار إلى أن تلك التصريحات لا تعبر عن موقف طهران الرسمي فكلامي في المطار هو من يعبر وهناك بعض التصاريح من مسؤولين إيرانيين لا يمكن ضبطها، وأشار إلى موقف وزير الخارجية يوسف رجي العالي السقف ليقول كما تصدر عندنا تصاريح يصدر عندكم تصاريح قاسية. وأكد لاريجاني لعون احترامه للقرار الحكومي الأخير لكنه دعا إلى توافق كل الأطراف وعدم وقوع صدام مشددًا على أن بلاده لن تتدخل في سلاح “حزب الله” إلا إذا طلبت الدولة اللبنانية منها ذلك معتبرًا أن “الحزب” قوة لبنانية ويجب الحوار معها.
ولفت لاريجاني إلى الخروق الإسرائيلية بعد وقف إطلاق النار فرد عون قائلًا إن من يحمي لبنان هو الجيش اللبناني الذي يمثل الشرعية وليس فريقًا مسلحًا واحدًا، فقرار حصر السلاح اتُخذ ولا تراجع عنه ونتمنى على إيران التعامل معنا كدولة مستقلة.
وفي معرض إشارته إلى إمكان مساعدة لبنان في إعادة الإعمار، أكد عون لضيفه الإيراني أن كل المساعدات تمر عبر الدولة ووفق القوانين اللبنانية لذلك كل الشكر على أي دعم وفق الأصول.