نهاية 2025 موعد “افتراضيّ” لتسليم السّلاح؟!

دَفَعت السلطة السياسية، الجيش ليكون في مواجهة “الحزب” في “معركة” تسليم السلاح. ليس في الأمر جديدٌ، باعتبار أنّ الجيش أصلاً هو المنفّذ، من دون ضربة كفّ، لخطّة حصريّة السلاح جنوب الليطاني (وخارجه في أحيانٍ كثيرة) بالتنسيق مع “اليونيفيل” و”الميكانيسم”، منذ توقيع اتّفاق وقف إطلاق النار.

لكنّ الطلب منه إعداد خطّة تشمل كلّ لبنان، أدخل الملفّ برمّته منعطفاً حادّاً ستَختبر نتائجه تباعاً الحكومة، والقوى السياسية.

لا يزال “الحزب”، بالتنسيق الحديديّ مع أول وآخر الحلفاء، الرئيس نبيه برّي، يتصرّف بذهنيّة ما قبل “حرب الإسناد”، وتوقيع اتّفاق 27 تشرين الثاني 2024 الذي شرّع، بموافقة الثنائي الشيعي، نزع سلاحه والسلاح الفلسطيني.

تقول أوساط لصيقة بـ”الحزب”: “لن يكون “المَشكل” بأيّ لحظة مع الجيش وخطّته، بل مع أصل القرار السياسي الذي اتّخذته الحكومة اللبنانية بتجريد “الحزب” من سلاحه، وسط حالة احتلال إسرائيلية كاملة للبنان، وبعيداً عن أيّ استراتيجية أمن وطني تحدّث عنها رئيس الجمهورية في خطاب القسم. لا خطّة إذا لم تقرّ داخل الحكومة، وإقرارها من دون توافق سياسي سيجرّ إلى أزمة كبيرة”.

لا تعكس قيادات “الحزب” مخاوف حقيقية من تبنّي قيادة الجيش أجندة مشابهة لأجندة السلطة السياسية، وإن هي تأتمر بأوامرها وتنفّذ توجيهاتها. وقد شكّل هذا الموضوع زبدة لقاء الرئيس برّي مع قائد الجيش العماد رودولف هيكل يوم الثلاثاء الماضي.

بعد اكتمال عقد المنضمّين إلى تأييد حصريّة السلاح، مع التحاق النائب جبران باسيل، يُنزَع الغطاء الداخلي شيئاً فشيئاً عن “الحزب”

قدّمت تجربة “جنوب الليطاني” نموذجاً إيجابيّاً لمشروع تسليم السلاح بهدف حصره يُمكن، برأي القيّمين على الملفّ، البناء عليه وتفعيله ليطال السلاح شمال الليطاني وفي الضاحية والبقاع، تحت مظلّة توافق داخلي.

يجد هذا المشروع، بتأكيد هؤلاء، نواته الأساسية في الخطّة التي أعدّها الجيش مع بدء تنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، وسبق لقائد الجيش آنذاك العماد جوزف عون أن عرضها في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء في ثكنة بنوا بركات، في كانون الأوّل الماضي، بحضور رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي.

لكن حتى اللحظة يبقى هذا المسار افتراضيّاً ما دام يَفصل “الحزب” تماماً بين جنوب الليطاني، وباقي المواقع العسكرية ومخازن الأسلحة والصواريخ والدرونات التابعة له جنوباً، وبقاعاً وفي بيروت الكبرى.

خطّة الجيش أم الخطّة الأميركيّة؟

الأهمّ ما تجاهلته القوى الحكومية والرئاسية، بأنّ المطلوب أصلاً من الجيش وَرَدَ بالتفصيل المملّ في ورقة توم بارّاك، الذي قدّم “الخطّة الأميركية” العسكرية لنزع سلاح “الحزب”، قبل أن تطلب الحكومة من الجيش القيام بذلك، وصولاً إلى تحديد نقاط التفتيش الأمنيّة في المناطق!

وفق المعلومات، لا معطيات نهائيّة في شأن التزام الجيش تقديم الخطّة المطلوبة منه بنهاية الشهر الجاري، بسبب حساسيّة الملفّ وتشعّبات هذه الخطّة التي تطال كلّ لبنان وجميع الأسلحة غير الشرعية ومراحل التنفيذ مع تواريخها الزمنيّة وبقعها الجغرافيّة وفق ترتيب معيّن ومتطلّبات الجيش اللوجستية والعسكرية والعديد المطلوب لتنفيذ الخطّة والتمويل… والأهمّ، مدى أخذها ببنود الخطّة الأميركية لنزع السلاح.

أمّا المهلة الفاصلة عن تسليم السلاح بنهاية 31 كانون الأوّل، فتصفها مصادر سياسية بـ “غير الواقعيّة، لأسباب سياسية وتقنيّة وعسكرية. ولغمها الأوّل عدم تجاوب “الحزب” معها، ولا حتّى أصحاب القرار داخل المخيّمات الفلسطينية لأنّ الملفّ إقليميّ وليس محلّيّاً”.

يقول مطّلعون إنّ “خطّة الجيش لن تحيد عن عناوين خطّة بارّاك، لكن “باللهجة اللبنانية”، سيّما أنّها تحاكي مهمّة نزع السلاح

أربع مراحل

ما ورد في نصّ الورقة الأميركية، التي أقرّت الحكومة “أهدافها” في جلسة السابع من آب، يشمل أربع مراحل فنّدها بارّاك بالتفصيل، بالتزامن مع الخطوات المفترض أن يلتزمها العدوّ الإسرائيلي.

يقول مطّلعون إنّ “خطّة الجيش لن تحيد عن عناوين خطّة بارّاك، لكن “باللهجة اللبنانية”، سيّما أنّها تحاكي مهمّة نزع السلاح، وتتضمّن تفاصيل عسكرية مرتبطة بجهوزيّة الجيش وانتشاره ومتطلّباته وقدراته، مع التركيز بشكل كبير على الأسلحة الثقيلة والدقيقة. وهذه المراحل هي كالآتي:

المرحلة الأولى من اليوم 0 إلى اليوم 15:

– وقف تحرّكات “الحزب” المتعلّقة بنقل الأسلحة، ووصوله إلى البنى التحتية العسكرية فوق الأرض وتحتها، أو إلى المعدّات العسكرية، والمواقع التشغيلية، ومخابئ الأسلحة، في جميع أنحاء البلاد.

– إنشاء الجيش اللبناني 15 نقطة مراقبة حدوديّة أوّلية جنوب نهر الليطاني، وفقاً لخريطة انتشار تُعدّها قيادة الجيش اللبناني وتُرفق بالمذكّرة.

– التركيز على التنفيذ الفوريّ لتسليم الأسلحة الثقيلة (مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة) إلى الجيش اللبناني، تدريجاً، من مناطق جنوب نهر الليطاني وشماله.

المرحلة الثّانية من اليوم 15 إلى اليوم 60:

– تُعدّ هذه الخطّة بمساعدة فنّيّة من الجيش الأميركي وبمداخلات من “الآليّة”، عند الاقتضاء.

– تتوزّع الخطّة على ثلاث مراحل: الأولى تمتدّ حتّى نهر الأوّلي. الثانية تشمل منطقة بيروت الكبرى، باعتبارها المركز السياسي والأمنيّ الأساسيّ. الثالثة تشمل منطقة البقاع ذات الطبيعة الحدودية والحساسيّة الأمنيّة (كما ورد حرفيّاً في ورقة بارّاك).

– تتضمّن الخطّة نشر وحدات من الجيش تدريجاً، بدءاً بـ1,500 جنديّ في المرحلة الأولى، وصولاً إلى 4,500 جنديّ في المرحلة الثالثة. وتُحدّد مواقع نقاط التفتيش الأمنيّة، مثل 10 نقاط في النبطيّة وبعلبك-الهرمل.

– تشمل أهداف نزع السلاح أنواعاً متعدّدة من الأسلحة، من بينها قذائف الهاون، وقاذفات الصواريخ والقنابل اليدويّة، والصواريخ من نوع جو-أرض، وأرض-أرض، والمتفجّرات، والأجهزة الحارقة، وأسلحة الدمار الشامل، والأسلحة البيولوجية والكيميائية، والطائرات المُسيّرة.

– سيحتفظ الجيش اللبناني بجميع هذه الأسلحة بعد جَمعِها.

المرحلة الثّالثة من اليوم 60 إلى 90:

– تأكيد الانسحاب الكامل لكلّ عناصر “الحزب” المسلّحين من منطقة جنوب الليطاني، وتفكيك جميع المنشآت غير المرخّصة المرتبطة بإنتاج الأسلحة والموادّ ذات الصلة، والبنى التحتية، والمواقع العسكرية، والأسلحة الثقيلة غير المصرّح بها، مثل: قذائف الهاون، وقاذفات الصواريخ-القنابل، والصواريخ (جو–أرض، وسطح–سطح)، والعبوات الناسفة، والأجهزة الحارقة، والأسلحة التي تسبّب خسائر بشرية جماعيّة، والأسلحة البيولوجية والكيميائيّة، والطائرات المُسيّرة.

– توسيع انتشار الجيش اللبناني ليشمل 33 موقعاً حدوديّاً، و15 نقطة تفتيش إضافية في المناطق الشمالية (مثل وادي البقاع، ومحور الهرمل–القصير).

– إعادة تأهيل الثكنات، وتوفير وحدات سكنية جاهزة، وإنشاء عيادات ميدانية.

المرحلة الرّابعة من اليوم 90 إلى 120:

– استكمال تفكيك ما بقي من الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك قذائف الهاون، وقاذفات القنابل، والصواريخ (جو–أرض، وسطح–سطح) والعبوات الناسفة والأجهزة الحارقة والأسلحة الفتّاكة والطائرات المُسيّرة والبنى التحتية العسكرية (مثل: نقاط المراقبة، والأنفاق ومستودعات الصواريخ) الخاصّة بـ”الحزب”، وجميع الجهات غير التابعة للدولة في مختلف الأراضي اللبنانية.

– يتولّى الجيش اللبناني، باستخدام أدوات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، مهامّ الرصد الجوّي بعد توقّف الانتهاكات الجوّية الإسرائيلية.

حوافز المليار

تضمّنت ورقة توم بارّاك حوافز دبلوماسية تشمل: السعي إلى استمرار تلقّي الدعم العسكري السنوي الأميركي البالغ حوالي 150 مليون دولار، والسعي إلى توفير مليار دولار سنويّاً من الدول المانحة لمدّة عشر سنوات، لتمويل تجهيزات الجيش اللبناني وقوى الأمن.

سبق لرئيس الجمهورية في خطابه في عيد الجيش أن ذكّر بالمطلب اللبناني بتوفير مبلغ مليار دولار أميركي سنويّاً، ولفترة عشر سنوات، “من الدول الصديقة، لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة”.

اترك تعليق