يدُهُ الصّغيرةُ تمتدُّ كجسرٍ من نورٍ، تبحث عن من يسامر اللحظة البريئةِ.
أمّا يدُها، فوردةٌ خجلى تستيقظُ من غفوةِ الصّفاءِ، تتلمّسُ يده كأنّها تعاين انبهارَ الفجرِ.
يدٌ تخرج من بركةِ الطّفولةِ، مبللةٌ بضحكات الركضِ، وبقايا الرملِ العالق من ألعابٍ لم تكتمل،
تمدُّ أصابعها نحو الفراغِ، باحثةً عن يقينٍ صغيرٍ.
ويدٌ أخرى، كزهرةٍ تفتّحت لتوّها من رحمِ الغيمِ، ترتجفُ بخجلٍ، لكنّها تعرف أن الاختلاجَ بدايةُ الأمانِ.
يلتقيان، فتصبح اليدُ في اليدِ لغةً بلا حروفٍ، وعهدًا بلا كلماتٍ، وميثاقًا من طمأنينةٍ يرسمه قلبان على الهواء مفتاحًا للكونِ.
هما، حفيديّ بيتر وزوي العويط، في دهشة التواصلِ، يتحوّلان إلى شجرةٍ تُعيدُ زرعَ جذورها في أرضٍ واحدةٍ، أو نجمتان تُمسكان الليلَ لئلا يسقطَ من عليائهِ.
إنّها يدٌ تتشابك مع يدٍ أخرى، تعانق الزمن، تمنعه من الانكسارِ، فتحتضن العالم كلّه كي لا يتناثر، أو كعصفورين في حضرة الجدّ المتأمل، المنبهر، المندهش، المذهول، يلتئمان كأنّهما لم يفترقا قطّ.
كنت أظنّ أنّني بعد عمرٍ من كتابة الكلمات قد اكتفيت… ها أنا أتهجّى يديهما، كأنّهما كتابٌ جديد لم أعرف بعد كيف أخطّ أوّل سطرٍ فيه. عندها فهمت أنّ الجنّة ليست وعدًا بعيدًا، بل احتمالٌ يبدأ هنا. فكلّ ما مضى صار ظلًّا بعيدًا؛ وها هما يرمّمان رجلاً ببياض الطفولةِ. لا يضيفان عمرًا له افتقده، بل يعيدان تكوينه.
هو سيّدي وأميري ومولاي، وهي سيّدتي وأميرتي ومولاتي.
وأنا، الجدّ، أراهما يدين صغيرتين تتشابكان، وفي عينيّ وصيّةُ الخلودِ، وعهدُ الحياة أن تستمرّ مهما تبدّلت الفصولِ
رأي حر بين يديّ بيتر وزوي… جدٌّ يتكوَّن (انطوان العويط)