تستعد الحكومة في جلستها المقبلة الجمعة، لمناقشة الخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتطبيق مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، في خطوة تعد من أكثر الملفات تعقيدا على المستويين الداخلي والإقليمي. هذا الملف الذي حملته الدولة اللبنانية منذ اتفاق الطائف والدستور والبيانات الوزارية المتعاقبة، يعود اليوم إلى طاولة مجلس الوزراء وسط مساع سياسية حثيثة لتبريد الأجواء، تجنبا لأي اشتباك سياسي قد يضع البلاد مجددا على حافة الانقسام.
المؤشرات الأولية، وفق مصدر وزاري «تعكس أن نصاب الجلسة مؤمن وأن وزراء الثنائي الشيعي سيشاركون، بعدما راجت معلومات عن نيتهم المقاطعة، وبالتالي فإن حضورهم يفتح الباب أمام نقاش عملي للخطة، حيث يفضل هؤلاء عدم ربط حصرية السلاح بجدول زمني صارم، تاركين للجيش تحديد قدراته وإمكاناته في الانتشار، في ظل واقع ميداني معقد يتطلب معالجة دقيقة تأخذ في الاعتبار ما هو فوق الأرض وتحتها من بنى عسكرية قائمة.
في المقابل، تصر جهات حكومية ووزارية أخرى على أن يبقى الجدول الزمني بندا رئيسيا، باعتباره يشكل ورقة ضغط على المجتمع الدولي والعربي لدفع واشنطن نحو ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل، بما يحقق الانسحاب المطلوب من الجنوب مقابل التزام لبنان».
التباين في المواقف لا يلغي وجود أرضية مشتركة تتمثل في التمسك بمبدأ حصرية السلاح وعدم التراجع عنه، بوصفه مطلبا جامعا للبنانيين ويحظى بدعم عربي ودولي. وقال المصدر لـ«الأنباء» الكويتية: «تبقى المعضلة في غياب الضمانات الأميركية المطلوبة من إسرائيل، بعد تراجع واشنطن عن تعهداتها الأخيرة، الأمر الذي زاد من الشكوك حول جدية الوساطة الأميركية. هذا التراجع استكمل بتهديدات من بعض الأصوات في الكونغرس بوضع لبنان أمام خيارين أحلاهما مر: إما تطبيق حصرية السلاح بالحل السلمي أو فرضها بالقوة، وهذا ما يرفضه لبنان رسميا باعتبار أن المشكلة الأصلية تكمن في الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، لا في خلاف داخلي حول هوية السلاح».
وتشكل الاتصالات الجارية بقيادة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وبدعم من رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نواف سلام، محاولة لإيجاد صيغة متوازنة تجنب الانفجار السياسي وتبقي على المسار التفاوضي مع الخارج مفتوحا.
وأوضح المصدر «ان الرسائل المتبادلة مع حزب الله، كما مع العواصم العربية والدولية، تركز على ضرورة الوصول إلى استراتيجية أمن وطني تعزز موقع الدولة وتوفر مظلة تحمي لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية، من دون إدخال البلد في مواجهة داخلية غير محسوبة».
في ظل هذه الأجواء، تصبح جلسة الجمعة اختبارا جديا لمدى قدرة الحكومة على إدارة التناقضات الداخلية، وإبقاء الخلاف تحت سقف الحوار المؤسساتي، بعيدا من الشارع. ولا يقتصر التحدي على إقرار الخطة بحد ذاتها، بل على كيفية ترجمتها في ظل ميزان قوى إقليمي متشابك. وهنا يبرز السؤال الجوهري: هل ينجح لبنان في تثبيت مبدأ حصرية السلاح على مراحل، عبر شراكة داخلية وتدخل عربي ودولي مساعد، أم أن التعقيدات الإقليمية ستبقي الملف رهينة تجاذبات لا تنتهي، ما يفتح الباب أمام تمديد الوقت بدل الضائع، في انتظار تغيرات كبرى في المشهد الدولي والإقليمي؟