بعد جلستي القرار في 5 و 7 آب المتعلّقتين بحصر السلاح بيد الدولة، وتبنّي خطة التنفيذ التي أعدّها الجيش اللبناني في 5 أيلول، واصلت الحكومة تعبيد طريق السيادة والإصلاح المؤسّساتي. ففي خطوة طال انتظارها، أقرّت أمس، تعيين الهيئة الناظمة لقطاعي الاتصالات والكهرباء، عقب عقود من مراوغات العهود السابقة، والترخيص لشركة “ستارلينك”.
هذه المسارات الداخلية الإيجابية، ترافقت مع زخمٍ خارجي فرنسيّ -أميركيّ- عربيّ. فغداة إعلان وزارة الحرب الأميركية عن مساعدات للجيش اللبناني بقيمة 14.2 مليون دولار، وصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أمس، إلى بيروت آتيًا من السعودية، محمّلًا برسائل تأييد للعهد، في مؤشر على رضى دولي، يشجّع على مزيد من المساعدات والدعم السياسي والاقتصادي. ويُسقِط في الوقت ذاته محاولات “حزب اللّه” تصوير جلسة 5 أيلول انتكاسة للحكومة، و”نصرًا” وهميًا له. إزاء هذا التأزّم الذي يمرّ به “الحزب”، أطلق عبد الملك الحوثي “مسيّرة تشويش كلامية”، مهاجمًا جهود قرار نزع السلاح، في مساندة بائسة سياسيًّا أمام الإرادتين الوطنية والدولية.
أما خط الدعم الثالث، فكان قطريًا. بعد دعوة الشيخ نعيم قاسم أمس الأوّل “خلصونا من قصة حصر السلاح”، أكد السفير القطري الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني خلال لقائه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب، تمسّك بلاده واللجنة الخماسية بضرورة إنهاء تسليم السلاح غير الشرعي قبل نهاية العام الحالي، مشيرًا إلى أن المساعدات القطرية ستشمل البنى التحتية والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية.
بالعودة إلى جولة الموفد الفرنسي، التي استهلّها من قصر بعبدا، علمت “نداء الوطن”، أن الموفد الرئاسي الفرنسي أوضح للرئيس عون والمسؤولين اللبنانيين أنّ مؤتمر دعم الجيش اللبناني الذي سيُعقد منتصف تشرين الأول، في باريس أو الرياض، هو منفصل تمامًا عن مؤتمر دعم لبنان والإعمار، الذي لا يزال مشروطًا بإنجاز الإصلاحات المطلوبة.
وأشار لودريان إلى أن السعودية أبدت استعدادًا لدعم الجيش وإنجاح المؤتمر، فيما شدد على ضرورة التنسيق مع واشنطن في ملف التهدئة مع إسرائيل، خصوصًا أن عون طالب فرنسا بالضغط على تل أبيب للانسحاب والالتزام بالهدنة. أما بشأن “اليونيفيل”، فأكد لودريان ضرورة تنسيق انسحابها بعد انتهاء مهمتها، تجنّبًا لأي فراغ.
بعدها، انتقل لودريان إلى عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ثم حطّ في السراي الحكومي حيث استقبله رئيس الحكومة نواف سلام، عارضًا أمامه نتائج الجلسات الحكومية الأخيرة، لا سيّما ما يتعلّق بحصر السلاح بيد الدولة، مؤكّدًا أن هذا القرار بات “خيارًا وطنيًا لا عودة عنه”.