ضغط إسرائيلي لتفجير مواجهة بين الجيش و”الحزب”!

مع اختتام القمة العربية ـ الإسلامية الاستثنائية للرد على عدوانه الغاشم على قطر، أعطى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أوامر لجيشه ببدء توسيع العملية البرية لاجتياح مدينة غزة. وكان ذلك عملياً هو ردّه الفعلي على القمة، وتأكيد مضيه قدماً في معاركه العسكرية من دون الافساح المجال أمام أي وساطة أو مبادرة لوقف إطلاق النار. خيار نتنياهو، هو الحرب المفتوحة، على جبهات عديدة كما يقول رغم اتهام خصومه له بأن معاركه بلا أهداف سوى البقاء بمنصبه. ولم تكد تمضي ساعات على انتهاء القمة حتى شنّ غارة على منطقة سكنية قرب مدينة النبطية في جنوب لبنان، وبعدها جاءت التحذيرات لإخلاء ميناء الحديدة في اليمن قبل قصفه بـ 13 غارة جوية.

أراد لبنان لقمة الدوحة أن تشكل درعاً حمائياً له في مواجهة التصعيد الإسرائيلي ومواصلة الضغوط أمنياً وسياسياً بالتعاون مع الولايات المتحدة. وشكلت القمة فرصة كي يتمكن لبنان من استعادة توازنه في مواجهة الضغوط، لعلّه يتم الوصول إلى صيغة تفرض على الأميركيين وقف الحرب الإسرائيلية ومنع تصاعد وتيرتها واتساع أفقها، إلا أن نتنياهو اختار رداً مختلفاً. ردّ يجعل مختلف الدول العربية أن تستشعر المزيد من المخاطر، إما من خلال مواصلة الاغتيال أو العمليات العسكرية. ذلك يدفع لبنان للتخوف أكثر مما يحضر له الإسرائيليون، لا سيما أنه قبل أيام قال المسؤولون الإسرائيليون إنهم سيواصلون الحرب ضد «حزب الله» والحوثيين بعد إنهاء حرب غزة، وهذا يعني أن ثمة استعداداً إسرائيلياً للدخول في جولة قتال جديدة ضد لبنان.

ووفق مصادر دبلوماسية، فإن نتنياهو يعمل على تحقيق مشروعه بالقوة، ما يعني أنه سيسعى إلى إجهاض كل المحاولات السياسية أو المفاوضات الساعية للوصول إلى وقف لإطلاق النار. وخلصت المصادر الدبلوماسية إلى أن ما سيدفع نتنياهو لوقف الحرب هو تغيّر جذري بالموقف الأميركي أو تعرضه لضربة قوية تجعل إسرائيل تبحث فعلاً عن مسار لوقف القتال وإيجاد اتفاق سياسي.

على مستوى لبنان، يتزايد الحذر بما يخص آلية العمل الإسرائيلية، وعلى الرغم من عدم التصعيد السريع أو المتواصل، إلا أن لحظات الهدوء التي تشهدها الجبهة لا تبدو مطمئنة للبنانيين الذين يعتبرون أنه ما بعد كل هدوء يتم تنفيذ عملية عسكرية غالباً ما تكون مفاجئة في مكانها وزمانها ومقصدها.

في هذا السياق، تتزايد مؤشرات احتمال إقدام الإسرائيليين على توسيع أو تكثيف نطاق العمليات العسكرية الجوية ضد مواقع وأهداف للحزب. وللمفارقة أن الإسرائيليين يرسلون شروطهم ومطالبهم بضرورة مداهمة مواقعه في الجنوب والبقاع، وبعدها يتم استهداف هذه المواقع. خرج لبنان من جلسة الحكومة في 5 أيلول الجاري بصيغة مريحة وملائمة لمختلف القوى الداخلية، وهذا ما لم يرق للإسرائيليين الذين يريدون صداماً بين الجيش اللبناني والحزب، ويريدون من الدولة أن تتولى هي عملية سحب السلاح ولو بالقوة، لذلك فإن ما جرى الوصول إليه في بيروت تعتبره إسرائيل غير ملائم بالنسبة لها وتسعى إلى الانقضاض بنفسها، خصوصاً من خلال مواصلة عمليات التوغل والتحصين في المواقع التي تحتلها، بالإضافة إلى التخوف من احتمال لجوئها لتنفيذ أحزمة نارية في عدد من المناطق الجنوبية لتحويل القرى الأمامية إلى منطقة عازلة.

في هذا السياق، يترقب لبنان زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس للمشاركة في اجتماع للجنة مراقبة وقف النار في إطار تفعيل عمل اللجنة وعمل الجيش في جنوب نهر الليطاني، الذي تريده واشنطن أن يستكمل عملية سحب السلاح قبل الانتقال إلى المنطقة الشمالية، ووفق المعلومات فإن أورتاغوس ستواكب خطة الجيش وآلية العمل، إضافة إلى البحث في إمكانية توفير المزيد من المساعدات للمؤسسة العسكرية. وتشير مصادر إلى أن التواصل قائم بين المسؤولين اللبنانيين ومع «حزب الله» أيضاً لأجل التعاون مع الجيش في جنوب الليطاني وتجنّب المزيد من التصعيد الإسرائيلي، كما أن هناك محاولات مع الحزب لإقناعه بإخلاء عدد من المواقع العسكرية في البقاع وتسليمها للجيش، وبحسب المعلومات فإن التواصل لا يزال قائماً ومستمراً للوصول لتفاهم.

اترك تعليق