لا قرار حكوميّاً في شأن بتّ مصير قانون الانتخابات النيابيّة. هذا ما تُرجِم من خلال المداولات التي سبقت جلسة 16 أيلول، والنقاشات داخلها التي انتهت بصدام بين رئيس الحكومة نوّاف سلام ووزير العدل الكتائبيّ عادل نصّار، ومن المسار الذي سيحكم أخذ القرار النهائيّ في مجلس النوّاب.
تتقاذف الحكومة ومجلس النوّاب كرة قانون الانتخاب، وتتصاعد وتيرة المزايدات المسيحيّة في شأن كيفيّة “الحفاظ على حقّ المغترب في الاقتراع”، في ظلّ كباش سياسيّ لا يمكن فصله، بخلفيّته، عن معركة نزع السلاح. لكنّ الأمر لن يطول لأنّ المهل أصبحت ضاغطة جدّاً على الطرفين، وهو ما يُفترض أن يُسرّع من مسار حسم وجهة القانون، خصوصاً لجهة اقتراع غير المقيمين والمقاعد الستّة للاغتراب والميغاسنتر وتحديد موعد الانتخابات.
الأمر المؤكّد، بحسب مصادر وزارية، أنّ الحكومة لن تقرّ مشروع قانون بالتعديلات وترسله إلى مجلس النوّاب. لذلك تنحصر الورشة فعليّاً لدى أصحاب القرار في الداخل والتنفيذ في ساحة النجمة بإجراء الانتخابات وبأيّ قانون أو بتأجيلها. وبذلك تنقلب الحكومة على أحد بنود بيانها الوزاريّ الذي يدعو إلى “إنجاز قانون انتخابات عصريّ وعادل”.
آلان عون: خطر التّأجيل!
يقول أمين سرّ هيئة مكتب المجلس النائب آلان عون لـ”أساس”: “ما جرى في الحكومة صورة عمّا يحصل في مجلس النوّاب، ويعكس الانقسام السياسي الذي ما يزال قائماً حول القانون، ويُبقي الاستحقاق في دائرة الغموض، إن كان لناحية كيفيّة اقتراع المغتربين أو لناحية إجراء الاستحقاق برمّته، فالحكومة لم تحسم حتّى الآن قدرتها على تطبيق القانون الحاليّ، ومجلس النوّاب غير قادر على حسم هذا الجدل حتّى هذه اللحظة”.
يرى عون أنّ “تقاذف المسؤوليّات بين الحكومة والمجلس كلعبة “كرة الطائرة” لا يفيد بشيء، بل يدلّ على عجز سياسيّ كبير يُضاف إلى الانقسام الموجود أصلاً حول حصريّة السلاح”.
آلان عون: الخلاف السياسيّ يهدّد إجراء الانتخابات
يضيف: “على الرغم من أنّ أيّ طرح لصيغة قانون انتخابيّ جديد مشروعٌ وحقّ لأيّ طرف، يجب أن يبقى أيّ نقاش محصوراً تحت سقف عدم تعريض الانتخابات للتأجيل. إذا ما تعذّر الاتّفاق على صيغة جديدة، فعلى الجميع التسليم بضرورة إجرائها بالقانون الحالي مع الحدّ الأدنى المطلوب من تعديلات، كي تتمكّن الحكومة من إجرائها على أساسه”.
ضياع نيابيّ
لم تفضِ الاجتماعات القليلة للّجنة النيابية الفرعية التي كُلّفت مناقشة اقتراحات القوانين الانتخابيّة إلّا إلى مزيد من الضياع النيابيّ والعراك الكلاميّ في ظلّ وجود معسكرَين أساسيَّين ليس وارداً لدى أيّ منهما التنازل للآخر ولو بخطوة:
– معسكر “القوّات” و”الكتائب” وبعض التغييريّين والمستقلّين الذين يصرّون على إجراء تعديلات محدودة تطيّر المقاعد الستّة المفترض أن يصوّت لها المغتربون، وفق القانون الحالي، بعد تعليق هذه المادّة مرّتَيْن، ومعها البطاقة الممغنطة، والميغاسنتر. هي فرصة ثمينة، برأي هؤلاء، لإحداث خرق في الكتلة الشيعية المطوّبة راهناً للثنائي بـ27 نائباً، و”تجريد” النائب جبران باسيل من المزيد من النوّاب. أمّا إقرار قانون انتخاب جديد فيفترض أن يأتي، وفق هؤلاء، بعد إنجاز مهمّة نزع سلاح “الحزب”.
الانتخابات
– يطالب المعسكر المقابل، أي حركة “أمل” و”الحزب” و”التيّار الوطني الحرّ” (يقترح باسيل إعطاء المغترب حقّ الاقتراع لنوّاب الداخل والنوّاب الستّة في الخارج)، بمناقشة اقتراحات القوانين السبعة، التي يتقدّمها الاقتراح الذي قدّمه النائب علي حسن خليل، بوصفه الأكثر إثارة للجدل، لتضمّنه دعوة إلى تطبيق الطائف بإنشاء مجلس شيوخ، ومجلس نوّاب خارج القيد الطائفي. يبدو، وفق المعلومات، أنّ “الثنائي الشيعي” الذي قد يخسر معركة عدم تصويت المغتربين للنوّاب الـ128، سيصرّ على إدخال تعديلات على القانون الحاليّ، بما في ذلك مسألة الدوائر الانتخابية والصوت التفضيليّ.
ستنتقل ورشة التعديلات برمّتها مجدّداً إلى قاعة اللجنة النيابيّة الفرعية مع غموض كامل في وجهة سير النواب
بالمحصّلة، انتهى المشهد النيابيّ المرتبك أصلاً ببلبلة إضافيّة، مع حسم الحكومة وجهتها، بناءً على تقرير اللجنة الوزاريّة المعنيّة بدراسة تطبيق قانون الانتخاب، بالاكتفاء بالتنبيه إلى أنّ “ما يتضمّنه القانون الراهن من ثغرات وغموض يثير الالتباس، أقلّه في نصّ المادّتين 112 و122 (المقاعد الستّة لغير المقيمين وتوزيعها على القارّات)، يستدعي تدخّل المشترِع لإزالة الغموض والحؤول دون التفسيرات المختلفة لأحكامهما”.
أكّد مجلس الوزراء في جلسته يوم الثلاثاء أنّ “المادّة 124 من القانون نصّت على أنّ دقائق تطبيقه تُحدَّد بمراسيم تُتّخذ في مجلس الوزراء، وهو ما يحصر صلاحيّة الحكومة في التفاصيل التنفيذيّة ولا يجيز لها استكمال القانون أو بتّ جوهره ومعالجة تضارب النصوص”.
تنصُّل الحكومة
هذا يعني التنصّل من أيّ مسؤوليّة حكوميّة في ما يخصّ مضمون القانون، مقابل تكليف وزير الداخلية أحمد الحجّار، المشارك في جلسات اللجان النيابية المشتركة، واللجنة النيابية الفرعيّة، “إطلاعها على مضمون القرار، والعمل على معالجة وتصحيح العيوب في القانون الحالي أو استدراك النواقص في أيّ قانون جديد ينظّم الانتخابات المقبلة”.
بحسب القانون الحالي، يُفتح باب تسجيل المغتربين في 15 تشرين الأوّل، ويُقفل في 20 تشرين الثاني المقبل. ثمّة مطالبات نيابيّة بتمديد المهل لإتاحة تصويت أكبر عدد من غير المقيمين للنوّاب الـ128.
لا قرار حكوميّاً في شأن بتّ مصير قانون الانتخابات النيابيّة هذا ما تُرجِم من خلال المداولات التي سبقت جلسة 16 أيلول
حتّى الآن، يمكن الجزم أن لا انتخابات وفق القانون الحاليّ الذي يتطلّب تعديلات حتميّة. أقرّ وزير الداخلية مثلاً بعدم إمكان الحكومة استصدار البطاقة الممغنطة، علاوة على شوائب أخرى في القانون وصفتها الحكومة بـ”الثغر والغموض”، التي إن لم تعالج فستشكّل ممرّاً، ربّما يكون مقصوداً، لعدم إجراء الانتخابات.