من فنزويلا إلى كندا.. هكذا يتواصل تمويل “الحزب”

كشفت تقارير رسمية كندية وأميركية وتحقيقات صحافية عالمية عن أبعاد خطيرة في التغلغل المالي والأمني لكل من “حزب الله” وحركة “حماس” داخل كندا وأميركا اللاتينية، وسط تحذيرات متزايدة من تحول هذه الشبكات إلى تهديد مباشر للأمن القومي العالمي. في كندا، أصدرت وزارة المالية الكندية تقريرًا خطيرًا أظهر كيف تستغل الجماعتان المسلحتان الأنظمة المالية في البلاد، بما يشمل العملات الرقمية، وتجارة السيارات المستعملة، والجمعيات الخيرية، لتمويل عملياتهما العابرة للحدود. وفي الوقت ذاته، كشفت ضربة أميركية في منطقة الكاريبي عن تطورات أخرى ضمن حملة أوسع تستهدف تفكيك شبكة المخدرات التي تديرها إيران و”حزب الله” في فنزويلا، بالتعاون مع كارتلات محلية وشخصيات عسكرية نافذة.

بحسب التقرير الذي نشرته وزارة المالية الكندية، تستغل “حماس” و”حزب الله” الاقتصاد الكندي المفتوح والبنية المالية المستقرة لنقل الأموال باستخدام مزيج من البنوك التقليدية والعملات المشفرة وشبكات التجارة الدولية، ويُشير التقرير إلى أن “حزب الله” هو ثاني أكثر منظمة إرهابية تم توثيق تلقيها تمويلًا من مصادر كندية.

أحد أبرز الأساليب التي رصدها التقرير هو تبييض الأموال عبر تجارة السيارات المستعملة، حيث يقوم “حزب الله” بشراء مركبات فاخرة في كندا، ثم يشحنها إلى لبنان لتُباع هناك وتحقق أرباحًا تُستخدم في تمويل أنشطته، ويمثّل “ميناء مونتريال” مركزًا رئيسيًا لهذا النوع من النشاط غير المشروع، الذي يُصنّف ضمن “تبييض الأموال القائم على التجارة”.

وأفادت تقارير أمنية كندية بأن “حزب الله” يستخدم تجارة السيارات المستعملة كوسيلة لتمويل أنشطته، من خلال شراء مركبات من كندا وشحنها إلى عدد من الدول لإعادة بيعها، ومن ثم نقل العائدات نقدًا إلى لبنان بواسطة حاملي أموال، وتشمل الدول التي يُعاد بيع السيارات فيها كلًّا من: الإمارات العربية المتحدة، جنوب أفريقيا، أنغولا، كوت ديفوار، جمهورية الكونغو الديمقراطية، بلجيكا، المملكة المتحدة، هونغ كونغ، تنزانيا، كينيا واليمن.

وبحسب مصادر التحقيق، يعتبر “ميناء مونتريال” في كندا أحد النقاط الرئيسية لشحن السيارات الفاخرة إلى لبنان، وهو ما يُعد مسارًا ماليًا فعّالًا في دعم الحزب ماليًا عبر شبكة منظمة تمتد عبر عدة قارات.

حذّرت تقارير استخباراتية ومالية كندية من استغلال “حزب الله” مؤسسات تقديم الخدمات المالية، ولا سيما أنظمة الحوالات التقليدية، في عمليات تحويل الأموال عبر الحدود وتُشير المعطيات إلى أن “حزب الله” يعتمد بشكل خاص على القطاع المصرفي اللبناني للاحتفاظ بحساباته المالية وتسهيل تدفق الأموال.

وفي هذا السياق، حذرت جهات رقابية كندية من أن القطاع المالي في كندا قد يكون معرضًا لمخاطر مماثلة، لا سيما في ظل وجود علاقات مصرفية مراسلة مع مؤسسات مالية لبنانية يُعرف أو يُشتبه في تقديمها خدمات لـ “حزب الله”.

كما أشارت تحقيقات كندية وأميركية إلى وجود علاقة مباشرة بين تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة، إذ يُعد “حزب الله” طرفًا فاعلًا في تجارة المخدرات العالمية عبر شبكات تمتد إلى داخل الأراضي الكندية.

التقرير الكندي وصف العملات الرقمية مثل “بيتكوين” و”تيثر” بأنها تشكل “ثغرة عالية جدًا”، نظرًا لطبيعتها اللامركزية وصعوبة تتبّع التحويلات فيها، وهو ما يجعلها أداة مثالية للجماعات الإرهابية، وقد استغلّ “حزب الله” هذه المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي لجمع الأموال وتحويلها بسرّية.

كما أشار التقرير إلى أن بعض الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية قد تُستخدم كواجهة لتمويل الإرهاب، ما دفع السلطات الكندية مؤخرًا إلى فرض عقوبات على شبكة “صامدون” في فانكوفر، بتهمة العمل كواجهة لتنظيم إرهابي.

وكشفت تقارير استخباراتية ومالية كندية أن جماعتي “حماس” و”حزب الله” تعتمدان على العملات المشفّرة، كأحد أساليب التمويل الحديثة، وتستخدم الجماعتان المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي لحشد الدعم المالي وجمع التبرعات من خلال العملات الرقمية. ويُشار إلى أن حماس كانت من أوائل الجهات التي تبنّت استخدام العملات المشفّرة لأغراض التمويل، حيث بدأت في طلب التبرعات بعملة “بيتكوين” منذ عام 2019.

اترك تعليق