لماذا يجد لبنان نفسه عالقا في منتصف طريق نزع سلاح الحزب؟

بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس هذا الأسبوع، والذي أنهى حربا مدمرة استمرت لعامين في غزة، عاد الاهتمام الدولي ليتجه نحو لبنان، حيث تواجه الحكومة تحديا معقدا يتمثل في نزع سلاح حزب الله وسط استمرار الغارات الإسرائيلية شبه اليومية على أراضيها.

ورحّب الرئيس اللبناني جوزيف عون باتفاق الهدنة في غزة، لكنه دعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على لبنان، والانسحاب من الأراضي اللبنانية، والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر 2024، والذي كان من المفترض أن ينهي ثلاثة عشر شهرا من القتال بين إسرائيل وحزب الله.

وتجد الحكومة اللبنانية نفسها اليوم بين ضغط أميركي متزايد لنزع سلاح حزب الله، ورفض قاطع من الحزب للتخلي عن ترسانته.

وتكمن المعضلة الكبرى في كيفية تحقيق هذا الهدف من دون الانزلاق إلى صراع داخلي جديد، وفي الوقت نفسه تلبية توقعات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يريد تقدما سريعا في هذا الملف، مع تجنّب استفزاز إسرائيل إلى حد يدفعها إلى توسيع هجماتها.

وفي السادس من أكتوبر، قدم الجيش اللبناني أول تقرير شهري حول عملية نزع سلاح حزب الله، حيث يعمل على إزالة الأسلحة والبنى التحتية العسكرية في منطقة جنوب الليطاني، الخاضعة لانتشار قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل). كما تمكن الجيش من استلام أسلحة تابعة لفصائل فلسطينية مثل حركة فتح في بعض المخيمات، بينما رفضت فصائل أخرى مثل حماس والجهاد الإسلامي تسليم أسلحتها.

ورغم هذا التقدم المحدود، أكد الجيش اللبناني أنه لا يمتلك الموارد الكافية لاستكمال العملية، مشيرا إلى أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الجنوب يمنع انتشاره الكامل هناك.

وانعكست الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان منذ سبع سنوات بشدة على قدرات الجيش، مع انهيار قيمة العملة وتآكل الرواتب.

وإلى جانب مسؤولياته في الجنوب، يتحمل الجيش عبء مراقبة الحدود الطويلة والمعقدة مع سوريا، ما يزيد من الضغوط عليه.

وأما حزب الله، فيرفض تسليم سلاحه قبل أن تنسحب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة وتوقف اعتداءاتها وتطلق سراح الأسرى وتبدأ إعادة إعمار المناطق المتضررة.

وبحسب ما صرح به نعيم قاسم، الأمين العام للحزب، لا يمكن الحديث عن السلاح إلا في إطار إستراتيجية دفاع وطني شاملة، وبعد أن تزول أسباب المقاومة.

ورغم الضغوط المحلية والدولية، من الصعب تصور أن حزب الله سيتخلى طوعا عن سلاحه، إذ إن جناحه العسكري يمثل جوهر هويته وسبب وجوده. فالحزب لم ينشأ بعد اجتياح 1982 ليكون مجرد حركة اجتماعية، بل تأسس كتنظيم عسكري – ديني مدعوم من إيران هدفه مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد انسحاب إسرائيل من الجنوب عام 2000، تحول الحزب إلى ركيزة أساسية في شبكة الردع الإقليمية الإيرانية.

وحتى بعد الضربات التي تلقاها خلال الحرب الأخيرة، لا تزال طهران تعتبره أداة إستراتيجية في مواجهة إسرائيل والغرب.

اترك تعليق