لا يستكين عداد الموت في لبنان ولا يكف بشكل شبه يومي عن إحصاء المزيد من ضحايا حوادث السير، التي وإن تعددت أسبابها، فالخلاصة واحدة وهي أن طرقات لبنان أضحت طرقات موت وطرق الحل ليست سهلة.
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين عزا تصاعد ضحايا حوادث السير إلى «حال الطرقات ورداءتها والحفر فيها وانعدام الإنارة والإرشادات التوجيهية، فضلا عن أن أكثر من 80 في المئة من السيارات المستخدمة على طرقات لبنان عمرها أكثر من 15 سنة وهي تحتاج إلى صيانة دائمة وأصحاب بعضها لا يملكون القدرة المادية على صيانتها، الأمر الذي يؤدي إلى أعطال فيها وبالتالي إلى حوادث».
وأضاف شمس الدين: «بمقدور القوى الأمنية توقيف السائقين الذين يقودون أثناء استخدام الهاتف الخلوي، ولكنها لا تستطيع شيئا أمام الطرقات والسيارات المتهالكة. كما أن تطبيق القانون يستلزم عناصر إضافية من القوى الأمنية، لأن كثيرا من الطرقات وتقاطع الطرقات اليوم يفتقر إلى الإشارات الضوئية والى عسكريين لتنظيم حركة السير، وبالتالي المشكلة أكثر تعقيدا من مجرد وجود قانون يجب تطبيقه».
وفي إطار تحفيز لبنان على مزيد من التحرك في ملف السلامة المرورية، أتت زيارة المبعوث الأممي الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسلامة الطرقات الرئيس السابق للاتحاد الدولي لرياضة السيارات «فيا» جون تود للبنان، وهي زيارته الثانية له منذ توليه هذه المهام الدولية قبل 10 سنوات. وقد التقى يرافقه الخبير الدولي في السلامة المرورية ورئيس المرصد اللبناني للسلامة المرورية في منظمة «جوستيسيا» ميشال مطران، رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ووزراء الداخلية والأشغال والصحة والتربية والاقتصاد والثقافة والتكنولوجيا، وكل فريق العمل التابع للأمم المتحدة والمعني بالسلامة المرورية في كل الإدارات في لبنان.
ووفق ما قال مطران لـ«الأنباء» بشأن هذه اللقاءات، فإن «الرئيس عون المطلع كفاية على هذا الملف، شدد على أهمية تفعيل عمل المجلس الوطني للسلامة المرورية الذي يرأسه رئيس الحكومة واللجنة الوطنية للسلامة المرورية التي يرأسها وزير الداخلية»، وقال مطران إنه «جرى التأكيد على ضرورة تفعيل تطبيق قانون السير لأن ثمة مشكلة في التطبيق».
وكشف مطران عن «خوذة جديدة للحماية لسائقي الدراجات النارية حملها معه المبعوث جون تود وهي تتمتع بمعايير عالمية وبسعر أدنى من 20 دولارا باعتبار أن حجة البعض لعدم اعتماد الخوذة هي ارتفاع ثمنها»، لافتا إلى أن «البحث تناول كيفية إدخالها إلى لبنان وتسويقها بين الناس». كما كشف عن «التحضير لحملة كبيرة من أجل السلامة المرورية برعاية الحكومة وبالتعاون مع وزارتي الداخلية والإعلام».
رب قائل إن أفراد قوى الأمن الداخلي في مفارز السير يجب أن يضربوا بيد من حديد لفرض هالة القانون من جديد، لاسيما أن السلامة المرورية من صلب مهامهم، ووحدة المرور التي أشار اليها قانون السير الحديث، تتيح لهم إعادة برمجة اللبنانيين على ثقافة الردع التي أطاح بها غياب مؤسسات الدولة ومنطقها على مر سنين، وفي المقابل هناك من يقول إن المشكلة تكمن أكثر في طرقات لبنان وإشاراتها وإنارتها وحتى في السيارات وثقافة سائقيها، ولكن في الحالتين تبقى عبارة شهيرة يمكن الاقتداء بها أن يحد أقله من الحوادث القاتلة، وهي: «لا تسرعوا، فالموت أسرع».



















