بعد موجة القلق التي خيّمت على لبنان في اليومين الماضيين، من انزلاق الأمور إلى ما لا تُحمَد عُقباه، مع تمادي الاعتداءات الإسرائيلية وارتفاع منسوب الجدل حول آليات حصر السلاح، وانشغال المسؤولين وسائر القوى السياسية بالسعي إلى التوصّل لتسوية حول قانون الانتخابات، بدا واضحاً أن الحراك الدبلوماسي والأمني الذي شهده لبنان في الساعات الأخيرة – ولا سيما اللقاءات التي أجراها رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد مع المسؤولين اللبنانيين لحثّهم على العمل سريعاً لإنهاء ملف السلاح قبل نهاية السنة – قد تلاقى مع جهود الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، في لقاءاتهما مع رؤساء الجمهورية جوزاف عون، ومجلس النواب نبيه بري، والحكومة نواف سلام.
مصادر أمنية كشفت في هذا الصدد عبر “الأنباء الإلكترونية” عن تهديدات وصلت إلى مسامع الوفد المصري المشارك في مفاوضات غزة التي أفضت إلى اتفاق شرم الشيخ، مفادها أن إسرائيل قد تنقل سيناريو غزة إلى جنوب لبنان فور الانتهاء من حلّ مشكلة استرجاع رفات الإسرائيليين الموجودين لدى “حماس”، في حال بقي “حزب الله” مصراً على التمسك بسلاحه
وبعد تبلّغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالنوايا الإسرائيلية، طلب على الفور من سفيره في لبنان علاء موسى وضع المسؤولين اللبنانيين في أجواء زيارة رئيس المخابرات المصرية الى لبنان لابلاغهم بما تخطط له اسرائيل. وتقاطعت هذه المعلومات مع عملية رصد قامت بها المخابرات المصرية التي كانت في صلب المحادثات التي أجراها أبو الغيط مع الرؤساء الثلاثة.
المصادر أشارت إلى أنّ أورتاغوس كانت بصدد إبلاغ المسؤوليين اللبنانيين بالهواجس ذاتها، إلّا أنّها لجأت الى أسلوب الدبلوماسية بعد اثارة هذا الموضوع من قبل الجانب المصري. وهو ما يبرر الموقف الذي أعلنه الموفد الأميركي توم برّاك بعد عدوله عن زيارة لبنان بقوله: وما هي الحجة لزيارة لبنان وليس هناك من شيء تغير؟
المصادر رأت في حديث أورتاغوس عن المفاوضات المباشرة مع اسرائيل، أو من خلال اقتراحها توسيع “الميكانيزم” بشخصيات مدنية رفيعة المستوى، الحلّ الأنسب الذي يوافق عليه المسؤولون اللبنانيون، من دون أن يشكل ذلك احراجاً لهم، وهو ما قد يوافق عليه “حزب الله” أيضاً. وكان الرئيس بري قد ألمح الى اعتماد مفاوضات “الميكانيزم” قبل أسبوع.
وتوقعت المصادر أن يجري تطعيم لجنة “الميكانيزم” بثلاث شخصيات رفيعة المستوى يفترض أن تمثل الرؤساء الثلاثة وقد تكون من بين الوزراء في الحكومة أو من وجوه مستقلة ومعروفة بتجردها واستقلاليتها، مضيفة أن لبنان قد يشترط للموافقة على تكليف شخصيات مدنية للمشاركة في “الميكانيزم” انسحاب اسرائيل من النقاط الخمس كبادرة حسن نية لجدية المفاوضات، لكن ذلك يتطلب ضغطاً أميركياً مشابهاً تماماً للضغوط التي مارسها الرئيس دونالد ترامب على رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو للقبول باتفاق شرم الشيخ.
المصادر اعتبرت أن عرض “الميكانيزم” الذي ناقشته أورتاغوس مع المسؤولين اللبنانين يعد الفرصة الأخيرة التي قد توفر على لبنان المواجهة مع اسرائيل، وهذا يتوقف على مدى قبول “حزب الله” بفكرة التخلي عن سلاحه.


















