هل تنفجر حكوميّاً الخميس المقبل؟

يمكن وصف جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد، وفق معلومات “أساس”، في قصر بعبدا الخميس المقبل بـ”الاستثنائيّة”. إذ تتحضّر الحكومة لمواجهةٍ، داخل أهل البيت، في ما يتعلّق بمسألتين: قانون الانتخاب وتقرير الجيش الثاني من نوعه منذ تكليف حكومة نوّاف سلام القيادة العسكريّة في الخامس من أيلول الماضي رفع تقرير شهريّ عن خطّة الجيش، وبعد قرار رئيس الجمهوريّة تكليف الجيش التصدّي للخروقات الإسرائيليّة.

على مستوى عقدة تصويت المغتربين، يُفترض أن تُقدّم اللجنة الوزاريّة التي كلّفتها الحكومة مجدّداً إعداد اقتراحات لقانون الانتخاب، “الكلمة الأخيرة” للحكومة بعد مسار من التخبّط تُرجِم على أكثر من مستوى:

– لناحية تشكيل لجنتين، أو تكليف لجنة وزاريّة في جلسة الخميس الماضي، وهي اللجنة نفسها التي قدّمت تقريرها في تمّوز الماضي على أساس أنّ الحكومة غير معنيّة بكلّ ما يتّصل بمقاعد الاغتراب وتوزيعها على القارّات الستّ وكيفيّة تصويت المغتربين، لكن أعادت الطلب منها مجدّداً قول رأيها في أحكام الفصل الـ11 من قانون الانتخاب (انتخاب غير المقيمين).

– لناحية التأخّر أشهراً عدّة في تشكيل اللجنة المشتركة من وزارتَي الداخليّة والخارجيّة (تمّ تأليفها في 22 الجاري) التي تفرض المادّة 123 من قانون الانتخاب تأليفها لبحث هذه المسائل، والتغاضي المقصود عن قراءة التقرير السابق الذي وضعته لجنة مماثلة عام 2021 وشرّحت فيه مسار تطبيق المقاعد الستّة.

المهمّ، بالسياسة، أنّ الجلسة المقبلة ستُشكّل محطّة مفصليّة في النزاع بين الحكومة ومجلس النوّاب في شأن تصويت المغتربين لنوّاب الاغتراب الموزّعين على القارّات الستّ، كما يفرض القانون الحاليّ.

جعجع: برّي “يَتسلبَط”

الغضب “القوّاتيّ” المتصاعد من رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، والذي وَصل إلى حدّ وصف رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع ممارسات برّي بـ”السلبطة والفجور”، سيكون “شريكاً” في إدارة جلسة الحكومة، لناحية احتمال اتّخاذ موقف من جانب وزراء “القوّات” بالانسحاب من الجلسة إذا أتت التسوية الحكوميّة متعارضة مع توجّهات “القوّات” وحزب الكتائب.

الجلسة المقبلة ستُشكّل محطّة مفصليّة في النزاع بين الحكومة ومجلس النوّاب في شأن تصويت المغتربين لنوّاب الاغتراب

يفترض أن تقوم الحكومة، وفق التوقّع القوّاتيّ – الكتائبيّ، بدمج مشروعَي القانون الواردَين من وزارتَي الخارجيّة والداخليّة في شأن إلغاء المقاعد الستّة في الخارج، وإتاحة تصويت المغتربين للـ128 نائباً، واستبدال البطاقة الممغنطة بـ QR Code، والاطّلاع على نتائج اللجنة الوزاريّة التي أُعطيت مهلة أسبوع لتقديم تقريرها (بناء على قرار الحكومة في جلسة 29 تشرين الأوّل)، وإحالة مشروع واحد إلى مجلس النوّاب لإقراره.

في هذا السياق، هدّد جعجع صراحة، في مقابلة تلفزيونيّة، بـ”أنّنا واصلين إلى مجلس الوزراء (جلسة الخميس المقبل)، وإذا كفّينا تأجيل وتسويف ولجان، أقولها صراحة سيكون لنا موقف آخر، وعلى الأكيد لن نسكت من الآن وصاعداً. صراحة أنا أسأل رئيس الحكومة نوّاف سلام: لماذا لم ترسل الحكومة أصلاً مشروع القانون إلى مجلس النوّاب قبل هذا الوقت؟ قاعدين ساعة نتلكّأ، وساعة نعرج، والانتخابات بعد ستّة أشهر فقط”.

تسوية في الكواليس

وفق معلومات “أساس” لا تزال نقاشات الكواليس محتدمة للتوصّل إلى تسوية في شأن جلسة الخميس، لا سيّما أنّ الحكومة قامت بخطوة استيعابيّة في الجلسة الماضية، بالتنسيق مع رئاستَي الجمهوريّة ومجلس النوّاب، لناحية إعادة تكليف لجنة بمهمّة سبق أن أنجزتها، وهي ستعقد اجتماعاً غداً برئاسة نائب رئيس الحكومة طارق متري.

الحكومة

يرى مطّلعون أنّ الحكومة في حال أحالت فعلاً مشروع القانون على مجلس النوّاب فإنّ معارضي برّي سيقومون بضغط كبير لدفعه إلى إدراجه على الهيئة العامّة لمجلس النوّاب من أجل التصويت عليه. وفي حال لم تفعل يبدو أنّ معراب سترفع السقف عالياً، بالإيعاز لوزرائها بالانسحاب من الحكومة.

يرى مطّلعون أنّ الحكومة في حال أحالت فعلاً مشروع القانون على مجلس النوّاب فإنّ معارضي برّي سيقومون بضغط كبير

التّقرير الثّاني للجيش

ستشهد الجلسة نفسها، بكلّ التوتّرات المحيطة بها، عرض الجيش لتقريره الثاني عن خطّته في مرحلتها الأولى، لبسط سلطة الدولة وحصريّة السلاح جنوب الليطاني، والمفترض وفق الخطّة أن تنتهي مع حلول نهاية العام.

في تقرير السفارة الأميركيّة الأخير جرت الإشارة بوضوح إلى جهود الجيش في تفكيك منشآت “الحزب” العسكريّة، لكنّ العائق الثابت أمام دفع الجيش اللبناني إلى إنجاز مهمّته كاملة جنوب الليطاني كان وسيبقى الاعتداءات الإسرائيليّة.

سيكون هناك تركيز، وفق المعلومات، من قبل قائد الجيش العماد رودولف هيكل على هذه النقطة، وعلى تصرّف العدوّ الإسرائيليّ بشكل أحاديّ في ضرب ما يقول إنّها مواقع عسكريّة ومنشآت لـ”الحزب”، من دون العودة إلى لجنة “الميكانيزم”، للطلب من الجيش اللبناني، بمواكبة من “اليونيفيل”، مسح المكان المشبوه، وعلى استباحة كلّ الخطوط الحمر والاتّفاقات، لا سيما بعد جريمته الموصوفة في بلدة بليدا.

إضافة إلى ذلك، يتطلّب قرار السلطة السياسيّة الطلب من الجيش “التصدّي للخروقات في الأراضي المُحرّرة” دعماً عسكريّاً سريعاً لا يزال حتّى الآن يوصف بـ”الفتات” مقارنة بحاجات الجيش المُلحّة، خصوصاً مع إعلان رئيس الجمهوريّة زيادة عديد الجيش في الجنوب ليصل إلى عشرة آلاف جنديّ قبل نهاية العام.

مع ذلك، سيعرض الجيش جزءاً من إجراءاته الميدانيّة التي اتّخذها بعد توغّل العدوّ الإسرائيليّ في بلدة بليدا وتصفيته لموظف البلديّة إبراهيم سلامة، لناحية استحداث موقع متقدّم ودشم، واستقدام تعزيزات في أكثر من بلدة حدوديّة.

على الرغم من الحاجة الملحّة إلى رفد الجيش بكلّ المعنويّات والتجهيزات، تتوجّس مصادر سياسيّة فعلاً “من أيّ احتكاك عسكريّ بين الجيشَين اللبنانيّ والإسرائيليّ”، وتصف المشهد بـ”الدراميّ”، “بسبب الفارق الهائل في الإمكانات والقدرات والتجهيزات العسكريّة. العسكر بحدّ ذاته يتحصّن بـ”ذخيرة” وحيدة هي عقيدته الوطنيّة وشرفه العسكريّ، بينما كان شاهداً على مدى عقود على تخاذل الحكومات المتعاقبة في تسليحه بما يكفي لتوفير متطلّبات الحدّ الأدنى لأيّ مواجهة عسكريّة مع الكيان الإسرائيليّ.

اترك تعليق