تعقد لجنة “الميكانيزم” اجتماعها الثالث عشر اليوم الأربعاء في الناقورة، من دون حضور المستشارة مورغان أورتاغوس، وسط تصعيد إسرائيليّ ملحوظ وخطير في وتيرة الاعتداءات والاغتيالات وتفجير منازل وتثبيت الجدار العازل، وتهديدات علنيّة باشتعال الجبهة الشماليّة مجدّداً.
كشف موقع “أساس”، في مقال نُشر في الثامن من الشهر الجاري، عن طلب إسرائيليّ صريح من الجيش اللبناني عبر لجنة “الميكانيزم”، دخول منازل ومنشآت مدنيّة تابعة لمواطنين جنوبيّين جنوب الليطاني، ورفض قيادة الجيش لذلك. كان لافتاً نشر وكالة “رويترز” يوم الإثنين، نقلاً عن مسؤولين لبنانيّين وإسرائيليّين، أنّ “إسرائيل طالبت خلال اجتماعات “الميكانيزم” في تشرين الأوّل الماضي، بأن يشمل دور الجيش تفتيش المنازل والممتلكات الخاصّة جنوب الليطاني”.
المؤكّد، وفق المعلومات، أنّ هذا الطلب الإسرائيليّ ليس مستجدّاً، وربّما قد رافق المراحل الأولى لبدء عمل لجنة “الميكانيزم” (تضمّ ضباطاً من الولايات المتّحدة الأميركيّة وفرنسا ولبنان وإسرائيل و”اليونيفيل”). لكنّ إثارته علناً في هذه المرحلة تأتي في سياق تراكم الضغوط على الجيش والحكومة اللبنانيّة، فيما تتمسّك قيادة الجيش، على الرغم من التعاون الوثيق والمُثمِر مع ضبّاط “الميكانيزم”، بهامش تقدير وفق مقتضيات الأرض يُشكّل حدّاً فاصلاً بين ما تنقله “الميكانيزم” إلى ضبّاط الجيش اللبناني، بوصفه طلباً إسرائيليّاً مباشراً، وما ترتئيه القيادة في اليرزة من ظروف مؤاتية تسمح بالتنفيذ من عدمه، خصوصاً إذا كان يُشكّل الطلب احتكاكاً مباشراً مع مواطنين جنوبيّين، مثل الدخول إلى منازلهم للتفتيش من دون أيّ مسوّغ قضائيّ، بحسب ما تقتضي القوانين اللبنانيّة.
وفق المعلومات، لا تنصّ خطّة الجيش، الموافِقة عليها الحكومة اللبنانية، على ما يشير إلى السماح بدخول الجيش إلى ممتلكات خاصّة، وهو ما لا يمكن أن يتمّ من دون إشارة قضائيّة.
إسرائيل طالبت خلال اجتماعات “الميكانيزم” في تشرين الأوّل الماضي، بأن يشمل دور الجيش تفتيش المنازل والممتلكات الخاصّة جنوب الليطاني
الجيش يرفض
بالوقائع التي تشهد عليها محاضر “الميكانيزم” و”اليونيفيل”، رَفَض الجيش مراراً طلبات بهذا الشأن، لا سيّما أنّ العدوّ الإسرائيليّ يتعاطى بمزاجيّة عالية مع الأهداف فيقرّر ضرب بعضها من دون العودة إلى أحد، أو يبلغ لبنان عبر اللجنة عن أخرى “مشبوهة”، فيُسارع الجيش إلى التحقّق منها تمهيداً لمَسحِها وتفكيكها ثمّ سحب محتوياتها.
إلى ذلك، أطلع قائد الجيش العماد رودولف هيكل مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة على كلّ التقدّم الحاصل في هذا السياق، بما في ذلك ما أشار إليه بيان السفارة الأميركيّة بعد الاجتماع الأخير لـ “الميكانيزم” في 29 تشرين الأوّل الماضي لجهة قيامه “بعمليّة حديثة لتطهير منشأة تحت الأرض بالقرب من وادي العزّية أسفرت عن استطلاع شامل للمنطقة مع التخطيط لإعادة زيارتها لاحقاً”، فيما أشاد رئيس اللجنة الجنرال جوزف كليرفيلد “باحترافيّة الجيش اللبنانيّ وانضباطه”. وكشف العماد هيكل عن اكتشاف أنفاق جديدة وضبط صواريخ ومخابئ أسلحة.
الميكانيزم
فيما يواجه الجيش ضغطاً متزايداً من الخارج لتكثيف عمليّاته العسكريّة، ومن الداخل بحكم المزايدات السياسيّة، من أجل إعلان جنوب الليطاني منطقة “نظيفة” من السلاح والمسلّحين بحلول نهاية العام، تؤكّد المعطيات أنّ الوفود الأميركيّة والأوروبيّة الأساسيّة، إضافة إلى الجانب المصريّ بالنظر إلى دوره الراهن على خطّ إحياء التفاوض اللبنانيّ – الإسرائيليّ، باتوا في صورة استحالة إنجاز هذه المهمّة ضمن المدّة “المفترضة” لثلاثة أسباب رئيسة:
– الاحتلال الإسرائيليّ والاعتداءات التي زادت وتيرتها، وتتوسّع بشكل مقلق بقاعاً، مع توقّع أن تطال مجدّداً أحياء في الضاحية الجنوبيّة. وفق مصدر معنيّ، كرّست إسرائيل، منذ توقيع اتّفاق وقف إطلاق النار الذي يبلغ عامه الأوّل بعد أسبوعين تماماً، احتلالها لكامل الأراضي اللبنانيّة من خلال حركة مسيّراتها التجسّسيّة والاستطلاعيّة التي شملت مهمّتها المقارّ الرئاسيّة، تثبيت الشريط العازل، توسيع نقاط الاحتلال 5+2، القيام بمئات الاغتيالات ومئات عمليّات القصف الصاروخيّ ونسف منازل وتفجيرها من خلال توغّلات في الأراضي اللبنانيّة.
كشف موقع “أساس”، في مقال نُشر في الثامن من الشهر الجاري، عن طلب إسرائيليّ صريح من الجيش اللبناني عبر لجنة “الميكانيزم”
– حاجة الجيش الملحّة إلى التمويل والدعم التسليحيّ، وتوفير مقوّمات التحاق مزيد من المتطوّعين بالجبهة الجنوبيّة، من البدلة إلى السلاح والغذاء ومراكز الخدمة وكلّ المعدّات العسكريّة، وصولاً إلى المركبات الآليّة، المعنيّة بالدوريّات، ودعم فوج الهندسة بشكل خاصّ.
– عدم القدرة اللوجستيّة، حتّى لو توافرت مقوّمات الدعم، على تفكيك كلّ المواقع والأهداف العسكريّة التابعة سابقاً لـ”الحزب”. يقرّ أحد كبار الضبّاط بأنّ الأمر “قد يستغرق أشهراً طويلة نظراً لكوننا نتعاطى مع “أهداف” مجهولة، لا نعلم ما تُخفي ومدى خطورتها، وربّما يستلزم مَسحُها وتفكيكُها من دون وقوع ضحايا، كما حصل سابقاً، وقتاً طويلاً من غير الممكن تقديره في الوقت الراهن”.
خارطة “الحزب”
مع ذلك، تقول أوساط سياسيّة بارزة لـ”أساس” إنّ “العمل العسكريّ المتعلّق بمسح جنوب الليطاني ونزع السلاح منه والذي قد يستلزم وقتاً طويلاً، لا يحجب واقع أنّ الهدف الأساس من إعلان اتّفاق وقف إطلاق النار في ما يتعلّق بجنوب الليطاني قد نُفّذ جزء كبير منه لجهة استحالة قيام “الحزب” بأيّ عمليّة عسكريّة من الحدود الجنوبيّة، أو لجهة العمل الحزبيّ العسكريّ السرّيّ، أو لجهة دخول السلاح إلى البقعة الحدوديّة، أو ممارسة أيّ عمل أمنيّ ظاهر أو غير ظاهر، أو حتّى إعادة بناء قدرات عسكريّة كما يدّعي العدوّ الإسرائيليّ”.
لذلك كانت لافتةً في الكتاب المفتوح الصادر عن “الحزب” للرؤساء الثلاثة إشارته إلى نصّ البند الثاني من إعلان “منع حكومة لبنان ”الحزب” وجميع الجماعات المسلّحة الأخرى في الأراضي اللبنانيّة من تنفيذ أيّ عمليّات ضدّ إسرائيل، وإسرائيل لن تقوم بأيّ عمليّات عسكريّة هجوميّة ضدّ الأراضي اللبنانيّة، بما في ذلك الأهداف المدنيّة أو العسكريّة أو غيرها من الأهداف التابعة للدولة، عن طريق البرّ أو الجوّ أو البحر”.



















