في حين يراوح ملف السلاح في دائرة مقفَلة من «حزب الله» الذي يرفض تسليمه أو وضْعه تحت «مقصلة» طاولة تَفاوضٍ لن تكون إلا على ترسانته في جوهرها، تتعمّق الخشيةُ من المرحلة المقبلة في ضوء ارتسام معالم سباق جديد – قديم بين:
– مساعي العالم العربي وفي مقدّمه الرياض لـ «إضاءة الطريق» للبنان بإزاء ما ينتظره إيجاباً من «مواسم خير» في حال مضى في اتجاه الإصلاحات المالية واستعادة التحكم والسيطرة أمنياً وعلى صعيد جعل الدولة تحتكر حمل السلاح، وهو ما يوازيه رفع واشنطن منسوب الضغط لتضييق الخناق على شرايين تمويل الحزب عبر «اقتصاد الكاش» الذي انتعش على أنقاض الانهيار المالي في لبنان منذ خريف 2019.
– انقشاعِ المزيد من خفايا إصرار الحزب على «الإطار الداخلي» الناظم لمناقشة سلاحه.
وفي الإطار، يكتسب وصول السفير الأميركي الجديد (اللبناني الأصل) ميشال عيسى، الى بيروت أهمية خاصة في ضوء ترقُّب أن تنقشع بعد أن يقدّم نسخة عن أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية يوسف رجي وبعدها إلى الرئيس جوزف عون.
وفي حين سيَعْني تسلم عيسى أن مهمة الموفد توم براك باتت بحكم المنتهية، فإن لبنان لم يتأخّر في ملاقاة المناخ البالغ التشدد من واشنطن تحت عنوان «انتهت اللعبة» في ما خص التراخي في ضبط منافذ تمويل «حزب الله» وتجفيف منابع «تغذيته» بالسيولة التي قيل إنها بلغت مليار دولار في سنة.
وفيما يُنتظر كيفية تطبيق التعميم الذي أصدره مصرف لبنان (بدءاً من مطلع ديسمبر) لجهة إلزام المؤسسات المالية غير المصرفية المرخصة منه بـ «جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بعملائها وعملياتها، عند إجراء أي عملية نقدية تساوي أو تتجاوز قيمتها مبلغ ألف دولار، أو ما يعادله، للعملية الواحدة»، ذكرت قناة «الحدث» أنّ «حزب الله تبلغ من المعنيين عن إجراءات مالية جديدة للبنان ومن ضمنها القرض الحسن».
ونقلت عن مصادر أنّ «الإجراءات المالية الجديدة ستحدّ من عمل جمعية مؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله خلال الفترة المقبلة، فالمعاملات المصرفية وآلات سحب الأموال التابعة للقرض الحسن ستتوقف في لبنان».
وأضافت أنّ «عمل القرض الحسن كجمعية في لبنان سيقتصر على إيداع الذهب والحصول على أموال مقابلها فقط (…) والإجراءات اللبنانية الجديدة ستمنع التبادلات المالية بين المودعين والقرض الحسن التابع لحزب الله».
وفي هذا الوقت، انشغل لبنان بالعدّ التنازلي لما أعلنه مسؤول سعودي رفيع المستوى عن «خطوات وشيكة لتعزيز العلاقات التجارية»، بعدما «أثبتت الحكومة اللبنانية وقوى الأمن كفاءة في الحد من تهريب المخدرات خلال الأشهر القليلة الماضية، موضحاً أن وفداً سعودياً» سيزور لبنان قريباً لمناقشة تذليل العقبات التي تعطل الصادرات اللبنانية إلى المملكة«(محظورة منذ 2021)، من دون الخوض في تفاصيل التدابير التي قد تُتخذ أو القطاعات التي قد تتأثر.
وإذ قال المسؤول السعودي إن عون ورئيس الحكومة نواف سلام«طلبا من القيادة السعودية إعادة النظر في فتح طرق التصدير، والمملكة تقدر مبادرات الرئيسين عون وسلام»، فإنّ هذا الانفتاح البالغ الدلالات من الرياض اعتُبر من أوساط سياسية بمثابة إشارة حضّ للبنان الرسمي على المضيّ بإجراءاته لمكافحة تهريب المخدرات الى المملكة كما لتعزيز مسار الإصلاحات المالية والأهمّ أنه تمت قراءته على أنه «ضوء برتقالي» أمام احتضانٍ سعودي شامل لـ «لبنان الجديد» في حال أكمل ما تعهّدت به حكومته لجهة بسط سيطرتها على كامل أراضيها بقواها الذاتية وحدها وحصر السلاح بيد الدولة.
وفي حين قال المسؤول السعودي «ستؤدي جهود الإدارة اللبنانية الجديدة لمنع استخدام لبنان كمنصة لتهديد أمن الدول العربية إلى تقدم في العلاقات الثنائية»، تلقّف لبنان الرسمي هذه المبادرة حيث اعتبر رئيس الجمهورية «آن الأوان ونحن بانتظار المملكة، لاسيَّما، وإنّني أكَّدت مراراً بأنَّ حماية لبنان تأتي من محيطنا العربي».
وعلى وقع ترقُّب مشاركة وفد اقتصادي سعودي (وحضور خليجي) في «مؤتمر بيروت 1» الاستثماري الذي يُعقد الثلاثاء والأربعاء، لم يقلّ دلالة تأكيد سفير المملكة وليد بخاري «ان لبنان مقبل على خير كبير. والسعودية تقف إلى جانب لبنان، وجميع اللبنانيين، ومنفتحة على مكوّناته كافة، ويهمّها استقراره وازدهاره وهي تدعمه وستشهد الأيام المقبلة نتائج هذا الدعم».
وعلى وهج هذه العناوين، طلب عون، من وزارة الخارجية، تكليف بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة برفع شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل لإقدامها على بناء جدار إسمنتي على الحدود اللبنانية الجنوبية يتخطى «الخط الأزرق» الذي رُسم بعد الانسحاب الإسرائيلي في عام 2000.
كما طلب إرفاق الشكوى بالتقارير التي صدرت عن الأمم المتحدة التي تدحض النفي الإسرائيلي لبناء الجدار، وتؤكد أن الجدار الخرساني أدى إلى منع السكان الجنوبيين من الوصول إلى مساحة تفوق 4 آلاف متر مربع من الأراضي اللبنانية.
















