هل يواجه “الثنائي” أول خرق شيعي؟

دقّت ساعة الاستحقاق الانتخابي، ساعة لا تشبه سابقاتها في الأعوام الماضية، بعد حرب طاحنة وتحوّلات سياسية محلية ودولية واضحة الملامح، ومع إشكالات ونزاعات وصراعات مستمرة حتى الآن حول تعديل القانون الانتخابي، بدأت القوى السياسية تستعد لهذا الاستحقاق، في محاولة لتغيير الواقع البرلماني، غير أنّ الرهان قائم ولو على تعديل بسيط قد يبدّل شكل الحكم أو يدفع نحو تغييره في السنوات المقبلة.

ثمّة إجماع على أهمية الانتخابات البرلمانية في لبنان، إلا أنّ هذا الإجماع يبدو أوسع هذا العام؛ إذ يرى البعض فيها فرصة لمحاولة النيل من الثنائي الشيعي (أمل ـ حزب الله)، باعتبار أنّ الطائفة الشيعية هي الوحيدة التي لم تشهد خروقاً، وإن حصل خرق ما، فلِمَ لا؟ قد يُستثمر كورقة في معركة الترشيح لرئاسة المجلس، بالرغم من الصعوبة البالغة للأمر.

تأويلات عدة طُرحت حول طريقة تعاطي حركة أمل مع الاستحقاق الديمقراطي؛ فهناك من خاض في لعبة الأسماء وتوزيعها، ومن تحدّث عن جهوزية الحركة للمعارك، وعن احتمال التأجيل لأشهر، وكيف ستواجه الحركة احتمال خرقها في إحدى المناطق، وهل تستعد لسيناريو معركة حول رئاسة المجلس؟

جهوزية بنسبة 100/100

رئيس الهيئة التنفيذية في حركة أمل مصطفى فوعاني، تنظيمياً هو الموقع الثاني من حيث الأهمية بعد موقع رئيس الحركة نبيه بري، وهو أيضاً رئيس اللجان الانتخابية للحركة كلّها، يتحدّث إلى “المدن” عن تحديات العملية الانتخابية وجهوزية التنظيم الأخضر لخوضها، ويؤكد أنّ “حركة أمل جاهزة بنسبة 100/100″، واثقة وقوية ولديها كامل الثقة بشعبيتها الجارفة التي لم تخذلها يوماً. ومن ناحية الاغتراب يشير الفوعاني إلى أنّ مكتب العلاقات الخارجية في الحركة تولّى الأمر، والمتابعة يومية، لتحفيز المغتربين على الحضور إلى بلدهم للاقتراع. وهنا سألنا: هل تأكدتم من عدم قبول انتخاب المغتربين للمئة وثمانية وعشرين نائباً من الخارج؟ فيردّ بأنّ الانتخابات ستتم وفق القانون النافذ، فالانتخاب من الخارج سيكون للدائرة السادسة عشرة. وأما إذا لم تستطع الحكومة السير بهذا الخيار، فسيكون اقتراع المغتربين من لبنان، ونحن نحفّزهم على الحضور للمشاركة في العملية الانتخابية. والواضح أنّ عدد المسجّلين في الخارج قليل مقارنة بما كان عليه في السنوات السابقة، لكننا مطمئنون إلى الحركيين الذين قاموا بالتسجيل، والحركة جاهزة لخوض المعركة سواء بالدائرة السادسة عشرة أو بقدوم المغتربين. فمن يريد الانتخاب من الخارج، هل يدرك طبيعة الوضع؟ وهل مسموح لنا ولحزب الله القيام بحملات انتخابية في الخارج؟ أين مبدأ تكافؤ الفرص؟ البعض فقط يريد النيل منّا!

موقف الحركة من التأجيل؟

أما الحديث عن تأجيل الانتخابات لعامين لتمكين المجلس الجديد من انتخاب رئيس الجمهورية المقبل، أو تأجيلها لشهرين لتأمين قدوم المغتربين إلى لبنان، فيقول الفوعاني: “لا تأخير ولو لساعة واحدة”. نريد الانتخابات أمس قبل اليوم، والاقتراع في أيار بمواعيده الدستورية، فالتأجيل مرفوض، والمسؤولية تقع على الحكومة لتأمين سير هذه العملية. وكل الأحاديث حول التأجيل لا تعبّر أبداً عن رغبة حركة أمل أو حزب الله. فمن يرَ أنها لحظته للانقضاض على الثنائي وخرقه بمقاعد شيعية، فليتفضل إلى صناديق الاقتراع وفقاً للمواعيد الدستورية. أما ترويج التأجيل فمرفوض جملة وتفصيلاً، “بأيار يعني بأيار”.

الثنائي الشيعي واحتمالات الخرق!

أما حول إمكانية خرق الثنائي بمقعد شيعي أو أكثر، واستخدام هذه الورقة في رئاسة المجلس، فيبدو الفوعاني شديد الارتياح، ويؤكد أنه لا خوف إطلاقاً من احتمال خرقٍ في مقعد شيعي يخصّ حركة أمل أو حزب الله. فالثقة كاملة بالقدرة والشعبية. أما إذا كان الحديث يدور حول تجيير أصوات طوائف وضخّها لمرشح شيعي لإنجاحه بدلاً من ضخّها لماروني أو سني مثلاً، فإنّ الثنائي لم يفكّر يوماً بهذا الأمر، ولم يوجّه أصوات ناخبيه مطلقاً لمرشّح ماروني لاستخدامه كورقة في معركة رئاسة الجمهورية، أو لمرشّح سني لاستثماره في معركة رئاسة الحكومة، لأنّ ذلك يهدد الوحدة الوطنية، إذ كان هناك دائماً احترام للتوازنات.

وهنا الإشارة إلى إمكانية تجيير أصوات مسيحية لمرشح شيعي في بعلبك ـ الهرمل مثلاً بهدف الخرق، بالرغم من صعوبة الأمر، مع التأكيد أنّ لائحة التنمية والتحرير لطالما ضمّت نائباً درزياً وآخر سنياً ومسيحياً أيضاً، وكذلك في كتلة الوفاء للمقاومة نائبان سنيان، وكانت الحواصل المرتفعة للوائح تؤمّن فوزهم من دون إسقاط مرشح شيعي لأجل ذلك. ويتابع الفوعاني: “نحن أساساً ضد هذا القانون”، لكن الحركة سارت به احتراماً للرغبة الوطنية. فنحن مع لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية، وعندها ليأخذ كل ذي حجم حجمه، فذلك القانون يمثّل روحية اتفاق الطائف.

ويضيف أن الرئيس نبيه بري “بيطلع الأول على كل لبنان بالأصوات”، ولا يمكن لأي مرشح آخر قد ينال ربع ربع أصواته ويدّعون أنه منافس. فالرئيس بري “بيجيب أصوات لوحده قد كتل”، ونواب حركة أمل ينالون أصواتاً تفوق أصوات القوات اللبنانية مثلاً. وهنا نتحدث فقط عن حركة أمل، لأنّ أصوات الثنائي تعادل أصوات كل الكتل في مجلس النواب. فالمقارنات ساقطة، وهذه ليست لعبة ديمقراطية. أما حول ترشيح الرئيس نبيه بري بالرغم من تقدمه في السن، إذ بات على مشارف الثامنة والثمانين، فيقول الفوعاني: “الرئيس نبيه بري”، أطال الله عمره، حاجة وطنية لا حاجة لحركة أمل فقط، ووجوده ضروري للبنان، لا لطائفة أو مذهب، وبالتالي فمن المؤكد أنه سيكون قائد الطائفة في هذه الانتخابات، ولربما علامة نصرها بعد كل التحديات.

تثبيت الترشيحات وواقع تحالف الثنائي

كثر الحديث خلال الأيام الماضية أيضاً عن إمكان تبديل حركة أمل لنوابها بآخرين، أو تبادل مقاعد مع حزب الله في مناطق متعدّدة. لكن “المدن” تقطع الشك باليقين؛ إذ يؤكد الفوعاني عبرها أن هذا الكلام غير دقيق، وهو محض أوهام لكاتبه؛ إذ لا يعلن عن مثل هذه الأمور إلا الرئيس نبيه بري وقيادة حركة أمل، وليس قبل كانون الثاني المقبل. أما موضوع تبديل المقاعد مع حزب الله، كأن يحصل الحزب مثلاً على مرشح ثانٍ في بعبدا مقابل مرشح ثانٍ للحركة في بعلبك، فيوضح الفوعاني أن لا نقاش في هذا الأمر حتى الساعة، فالحركة والحزب “كتلة واحدة” والتحالف ثابت في كل المناطق. وبالمختصر، إن حركة أمل وحزب الله يدركان حجم التحدي هذه المرة، وهما جاهزان ومتيقنان من الشعبية والبيئة القادرة على الفوز بالاستحقاق الانتخابي.

وحصلت “المدن” على أسماء اللجنة الانتخابية المركزية للحركة إضافة إلى اللجان الفرعية، والتي تضيء على بقاء بعض المرشحين. وتنشر “المدن” عبر هذا المقال أسماء اللجنة الانتخابية التي يرأسها مصطفى الفوعاني، وتضم أيضاً رئيس الشؤون الانتخابية والمعلوماتية والتخطيط سامر عاصي، إضافة إلى مسؤول الشباب والرياضة في الحركة علي ياسين، ومسؤول العمليات اللوجستية باسم لمع، ومسؤول الإعلام رامي نجم.

أما على صعيد المناطق، فرئيس لجنة صور سيكون مسؤول إقليم جبل عامل في الحركة علي إسماعيل، وهي الدائرة التي تضم النائبين علي خريس وعناية عز الدين، فهل من الممكن استبدال أحدهما؟ أما النبطية فرئيس لجنتها سيكون النائب هاني قبيسي، مما يعني استمرار ترشيحه. وفي بعلبك ـ الهرمل تولّى المهمة النائب غازي زعيتر، وهذا ما يرجّح بنسبة كبيرة استمرار ترشيحه أيضاً. أما لجنة زحلة فيرأسها الوزير السابق عباس مرتضى، مع العلم أن المقعد الشيعي هناك يشغله نائب من حزب الله. ولجنة الزهراني سيرأسها حسن وزني، وهي الدائرة التي يترشح فيها رئيس الحركة نبيه بري. في حين يرأس محمد علي حمادي دائرة بنت جبيل، وهي دائرة ترشّح فيها سابقاً النائبان أيوب حميد وأشرف بيضون. أما مرجعيون فيرأس لجنتها النائب علي حسن خليل، وهو مرشح الحركة هناك، ولجنة البقاع الغربي برئاسة النائب قبلان قبلان، مما يعني استمرار ترشيحه، وكذلك النائب محمد خواجة الذي يرأس لجنة بيروت. أما دائرة جزين، التي تشهد معركة عادة، فأوكلت لجنتها إلى هاشم حيدر. ولجنة جبيل ـ كسروان، التي تراهن بعض القوى السياسية على إسقاط مرشح الثنائي فيها، فيرأسها نبيه شمص. في حين يرأس سعيد نصر الدين دائرة المتن والشوف وعاليه، ويتولى مفيد الخليل رئاسة دائرة بعبدا التي رشّح فيها سابقاً النائب فادي علامة.

وعلمت “المدن” أن حركة أمل جهزت أكثر من 15000 مندوب للعملية الانتخابية، وهو رقم تصفه بعض الأوساط داخل الحركة بأنه يفوق أصوات نواب مجتمعين دخلوا المجلس في الدورة الماضية. وتؤكد مصادر الحركة الجهوزية اللوجستية العالية جداً. وعبر أسماء رؤساء اللجان التي حصلت عليها “المدن” يتأكد استمرار ترشيح “علي حسن خليل، قبلان قبلان، غازي زعيتر، محمد خواجة، وهاني قبيسي”، فالحركة عادة ترشّح 17 نائباً: أربعة عشر نائباً شيعياً، إضافة إلى نائب مسيحي هو ميشال موسى في دائرة الزهراني، وآخر سني هو قاسم هاشم في دائرة مرجعيون، ودرزي كان مروان خير الدين ولم ينجح. فهل ستبدل الحركة بعض الوجوه البرلمانية؟ النسبة الأكبر ستستمر، لكن التغيير قد يطال عدداً ضئيلاً إذا ما حصل “تغيير”.

اترك تعليق