أنهى البابا لاوون الرابع عشر زيارته التاريخية للبنان على رجاء «وقف الأعمال العدائية، لأنّ القتال لا يجلب اي فائدة. فالأسلحة تقتل اما التفاوض والوساطة والحوار فتبني». طالباً من المجتمع الدولي دعم لبنان، وسماع «صوت الشعب الذي يطالب بالسلام». ومؤكّداً أنّ «الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلّب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام». وفور وصوله إلى روما، قال البابا ردًا على سؤال لقناة LBCI حول إيصال صرخة اللبنانيين إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية: «إنني تواصلت وسأواصل التواصل مع القادة لإحلال السلام».
وقد أبدت اوساط سياسية قلقها من مرحلة ما بعد زيارة البابا، مبدية تخوفها من تصعيد للاعتداءات الإسرائيلية بعد تراجعها في الأيام الاخيرة تحت تأثير وجود البابا.
وقالت هذه الأوساط لـ«الجمهورية»، انّ «لبنان كان مستظلاً في الأيام الماضية بالضمانة المعنوية للبابا والتي سقطت تلقائياً للأسف بمجرد مغادرته». وأشارت إلى انّه بعد انتهاء هدنة البابا يُخشى أن تشتد مجدداً الضغوط العسكرية الإسرائيلية المترافقة مع الضغوط السياسية الأميركية، الرامية إلى إلزام السلطة السياسية والمؤسسة العسكرية بسحب سلاح «حزب الله» في مهلة أقصاها نهاية السنة الحالية.
واعتبرت الأوساط، انّ الاشتباك الداخلي سيتصاعد أيضاً بعد زيارة البابا، حيث من المتوقع أن يشتد التجاذب السياسي مجدداً حول ملفات عدة، من بينها الانتخابات النيابية، إضافة إلى انّ عدم دعوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى اللقاء مع البابا في قصر بعبدا سيترك تأثيرات سلبية على العلاقة بين رئيس الجمهورية ومعراب.
ضغط أميركي
على انّ فترة البهجة بزيارة البابا لاوون للبنان لا تبدو طويلة. ففي اللحظة التي أقلعت فيها طائرته عائدة إلى روما، أطلق الإسرائيليون مسيّراتهم لتجوب أجواء لبنان، من الجنوب إلى الضاحية الجنوبية فالبقاع، وانطلقت سريعاً موجة تهديدات على ألسنة عدد من المسؤولين الإسرائيليين والمصادر الإسرائيلية، وكذلك أفيخاي أدرعي. وهو ما يؤكّد المخاوف التي كانت سائدة عشية الزيارة البابوية، من أنّ أسرائيل ستمنح لبنان هدنة موقوتة بثلاثة أيام فقط، لإمرار الزيارة ثم تستأنف ضرباتها، مع تلويح بتصعيد هو الأوسع والأعنف منذ وقف النار في تشرين الثاني 2024، على رغم من انطلاق مرحلة جديدة من الوساطات مع وصول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى إسرائيل ولقائها بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين، عشية التوجّه إلى لبنان للمشاركة في اجتماع لجنة «الميكانيزم».
وقالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، إنّ واشنطن تضغط في هذه المرحلة لفرملة أي مغامرة إسرائيلية في لبنان، تسهيلاً لمسار المفاوضات المحتملة، لكنها تصطدم برغبة جامحة لدى نتنياهو في التفجير، ليس فقط لخدمة المشروع الإسرائيلي في المنطقة بل أيضاً لخدمة أهدافه السياسية الضيّقة، مع طلب العفو الذي تقدّم به إلى الرئيس الإسرائيلي، بذريعة التمكن من مواصلة الحرب و»تغيير» الشرق الأوسط.



















