تراجع الحديث عن قانون الانتخاب على الرغم من أهميّته. فعلى جري عادة اليوميات اللبنانية، يتقدّم ملف ويتراجع آخر وفق التطوّرات. وفي المدّة الأخيرة، تقدّمت زيارة البابا لاوُون الرابع عشر والخوف من الحرب وترؤس السفير سيمون كرم الوفد اللبناني في “الميكانيزم” على ما عداها من ملفات، ومنها قانون الانتخاب، فأين أصبح هذا الملف؟
قبل أسابيع، كانت تعديلات قانون الانتخاب البند الأول على سلّم الأولويّات. ترقب الجميع مسار المشروع المعجّل من الحكومة وكيف سيتعاطى معه رئيس مجلس النواب نبيه برّي. وبعدما وصل متأخّرًا إلى ساحة النجمة، لم يدرجه برّي على جدول أعمال جلسة تشريعية ليناقش فيها، فيقرّ أو يسقط كما كان يطالب المعترضون على الدائرة 16، أي على النواب الـ 6 للاغتراب.
لكن رئيس المجلس “المحنّك” في اللعبة البرلمانية، لم يحل المشروع إلى اللجنة الفرعية التي يرأسها نائبه الياس بو صعب، بل ذهب أبعد من ذلك، فاستند إلى المادة 106 من النظام الداخلي لمجلس النواب ليحيل المشروع إلى لجنتي الداخلية والدفاع، والشؤون الخارجية. ما يعني أن المشروع “المعجّل” سيسير “على مهل”، قبل أن يذهب إلى اللجان المشتركة، وبعدها إلى الهيئة العامة. كلّ ذلك وعداد الأيام الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية يتناقص.
ماذا حصل في لجنة الشؤون الخارجية؟
وفق معلومات “نداء الوطن”، وخلال الجلسة التي انعقدت بحضور وزيري الداخلية والخارجية، أوضح الوزير أحمد الحجار للنوّاب أنه بدأ التحضير للانتخابات النيابية وفق القانون الساري المفعول حاليًا، والذي يعتمد 6 نواب للاغتراب. وهو عاد وأكّد لموقع mtv في الساعات الماضية أن الانتخابات في موعدها.
أكثر من ذلك، فإن لجنة الشؤون الخارجية لن تستطيع البت بالموضوع، قبل أن يصلها تقرير الحكومة بما يتعلّق بتطبيق نص المادة 123 من قانون الانتخاب 44-2017 (قانون الانتخاب المعمول به حاليًا) والمراسيم التطبيقية الخاصة بهذه المادة التي تنصّ على “إنشاء لجنة مشتركة من وزارة الداخلية والبلديات ووزارة الخارجية والمغتربين بناء على قرار يصدر عن الوزيرين وتكون مهمّتها تطبيق دقائق أحكام هذا الفصل”.
ما سبق، يشير إلى أن الملف الذي من المفترض أن يسلك “خطًا عسكريًا”، يتحرّك ببطء كسير السلحفاة. وهو بعد خروجه أوائل العام المقبل من الشؤون الخارجية برئاسة النائب فادي علامة، عضو كتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها برّي، سيحضر على طاولة لجنة الدفاع والداخلية برئاسة النائب جهاد الصمد. وهناك سيناقش بدوره في أكثر من جلسة، فنصبح عمليًا على بعد شهرين من الاستحقاق الانتخابي المفترض، عند عرضه على جلسة تشريعية. فيدخل حابل المصلحة الانتخابية بنابل المزايدات والمقاربات المختلفة التي لم تتبدّل حتى الآن.
المعترضون على النوّاب الستة للاغتراب يصرّون على رفضهم والتصويت ضده في الهيئة العامة. ورئيس مجلس النوّاب يؤكّد أن القانون الحالي هو ما سيطبّق. فمن سيتنازل لمن؟ وكيف ستنتهي “الملاكمة السياسية” القائمة؟
حتى الآن لا بوادر تسوية، وإن كان بعض العاملين على خط قانون الانتخاب لا يخفون الحديث عن أن الوصول إليه ممرّ إلزامي في نهاية المطاف. ولكن حتى ذلك الحين، فكلّ طرف يريد الذهاب إلى مفاوضات قانون الانتخاب بأوراق قوّة.
عمليًا، دخل قانون الانتخاب في الملفات المرحّلة إلى العام المقبل. ومع مطلع السنة، قد تعاد جدولة الأولويّات، وفق تطوّرات ملفي التفاوض وحصرية السلاح. وعندها، قد تفرض المستجدّات إجراء الانتخابات في موعدها على غرار ما حصل في العام 2005، وشعار جيفري فيلتمان الشهير “الانتخابات الآن”، أو يصبح التمديد لمجلس النواب وسيلة لإنجاز الملفات الأخرى، من خطة التعافي واسترداد الودائع، إلى حصرية السلاح بيد الدولة.



















