في الخفاء لم يصل ملف السجناء السوريين في لبنان في اي مرّة الى مباحثات إيجابية، والاسباب معروفة.
اما في العلن فكان الجواب يحمل دائماً بشائر بإمكانية حل هذه القضية، بالتزامن مع الزيارات المتبادلة من بيروت الى دمشق وبالعكس، مع نتائج ستصل الى حلول مرتقبة. لكن آخر هذه الزيارات التي جرت يوم الاربعاء الماضي، والتي قام بها وفد قضائي لبناني الى دمشق، لمتابعة البحث في الملف المذكور لم تصل الى اي مكان، بل الى المزيد من التعقيد، على الرغم من الكلام والمواقف التي سبقت هذه الزيارة، والتي أنتجت فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين وبدء التنسيق، خصوصاً خلال اللقاء الذي جمع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان مع الرئيس السوري احمد الشرع في تموز الماضي، حيث طالب الأخير بالإسراع في إطلاق سراح الموقوفين السوريين وترحيلهم إلى بلادهم.
وهذا ما سعى إليه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال زيارته الاخيرة الى لبنان، وسُرّبت حينها معلومات عن وجود مسعى لعفو عام يشمل الموقوفين، بمَن فيهم الإسلاميون، لكنّ الخبر كان بعيداً جداً عن الواقع، على الرغم من أخذه الحيّز الاكبر خلال المحادثات.
ومن الزيارات اللافتة أيضاً تلك التي قام بها نائب رئيس الحكومة طارق متري الى دمشق في ايلول الماضي، وحينئذ نقل معه أجواءً إيجابية، لتتبخّر الاربعاء الماضي خلال المباحثات التي أجراها الوفد القضائي اللبناني في وزارة العدل السورية، برئاسة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم، وعضوية القاضيين جاد معلوف ومنى حنقير، حيث عرضوا مشروع إتفاق قضائي بتسليم الموقوفين السوريين وإعادتهم الى ديارهم، ضمن الطرق التي لا تتعارض مع القانون اللبناني، ومن دون ان يشمل المشروع السجناء الذين قاموا بأعمال ارهابية وقتلوا عناصر من الجيش اللبناني.
مصدر أمني اكد لـ” الديار” ان الجانب السوري رفض الطرح، وحصل نقاش حاد بين الفريقين، اذ أشار الجانب السوري الى وجود ملفات غير دقيقة تتعلق بالقضية، وبأنه يملك مستندات تشير الى روايات ملفقة ضمن ملف السجناء السوريين المتهمين بالارهاب، فيما الحقيقة وفق ما ذكروا انّ المتهمين يعارضون نظام الاسد، الامر الذي إستدعى مطالبة الجانب السوري بدلائل تؤكد انّ هؤلاء قاموا بأعمال ارهابية، ما أدى الى توتر كبير خلال الاجتماع، لانّ المفاوضين السوريين اشاروا الى انّ اكثر من 60 في المئة من الموقوفين السوريين في لبنان، لم تصدر أحكام بحقهم وهذا غير مقبول، لانّ الانتظار طال كثيراً ولم يعد بإستطاعتهم تقبّل المزيد من الوقت.
واللافت، انّ الجانب السوري عرض تقديم ضمانات قضائية لمحاكمة كل مَن يثبت ضلوعه في الجرائم الارهابية، بعد إعادة الموقوفين السوريين الى بلادهم، وطالب بعودة السجناء الذين اوقفوا لأسباب سياسية بأسرع وقت، ومن ثم الموقوفين بالجرائم الجنائية، لكن لم يتم التوافق على هذه المطالب، وإنتهى الاجتماع بعدم التوصل الى حل مع إمكانية عقد اجتماع آخر، لمزيد من النقاشات من دون ان يحدّد تاريخه.
الى ذلك، افيد وفق المعلومات بأنّ اهالي السجناء السوريين يتحضّرون للقيام بتحركات تصعيدية قريباً في لبنان، بسبب ما إعتبروه إجحافاً بحق أبنائهم ، ومن ضمن هذه التحركات تقديم دعاوى قضائية، وإغلاق الحدود مع لبنان في ما يختص في الاطر التجارية.
في السياق، اوضح مصدر قانوني لـ” الديار” بأنّ القانون اللبناني يطبّق على كل سجين موجود في لبنان مهما كانت جنسيته، ولا يمكن إخلاء سبيله من دون محاكمة نهائية، ما يعني أنّ حلّ هذا الملف يعتمد على الأطر القانونية والاتفاقيات والتعاون الرسمي بين لبنان وسوريا، وقال:”عملية تسليم السجناء السوريين قابلة للتنفيذ، باستثناء الموقوفين بتهمة الإرهاب ولم تصدر في حقهم أحكام، أما الذين صدرت في حقهم أحكام فيمكن نقلهم في حال تبقى من فترة الحكم ستة أشهر”.
ad
وعن إمكانية إصدار عفو عام كما يطالب البعض، أجاب:” أشك في ذلك، لكن في حال صدوره سوف يستثني المتهمين بالإرهاب وقتلة ضباط وعناصر في الجيش اللبناني، وهذا ما أكده رئيس الجمهورية العماد جوزف عون قبل أيام قليلة، وبطريقة حاسمة ونهائية خلال مقابلة مع وسيلة اعلامية سورية، اما مَن سُجن بسبب دعمه للثورة السورية، فقد آن الأوان للإفراج عنه من خلال تعديل اتفاقية تبادل السجناء أو إصدار قانون جديد، او الاتفاق على آلية قضائية لتسليمه، مع بحث إمكانية تسريع محاكمات آخرين تمهيداً لإطلاق سراحهم.
الديار
















