مع أن الأوساط الرسمية والسياسية اللبنانية لا تزال توجّه اهتماماتها العريضة نحو ترقّب الموقف أو التقويم الأميركي حيال الردّ الرئاسي على ورقة الموفد توم برّاك، لكون الردّ الأميركي سيعكس إلى حدود بعيدة طبيعة مسار المرحلة المقبلة، فإن محطة داخلية “نوعية” ستشكل اختراقاً للمشهد السياسي من خلال جلسة المناقشة العامة لسياسات الحكومة التي يعقدها مجلس النواب قبل ظهر اليوم وبعده. وإذا كانت هذه الجلسة تكتسب أهمية أساسية لجهة أنها الجلسة الأولى التي تخضع فيها الحكومة للمساءلة والمناقشة في الملفات الكثيرة المطروحة التي ستثيرها الكتل والنواب، فإن الجانب الأبرز فيها سيتمثل في الملف المتوهّج الذي يحتل أولوية مطلقة في سلم الأولويات اللبنانية الراهنة، والذي يشكّل محور التحركات الديبلوماسية والخارجية والدولية حول لبنان وهو ملف نزع سلاح “حزب الله”. ويبدو واضحاً أن مناقشات الجلسة النيابية اليوم مرشحة لأن تشهد أوسع إثارة علنية نيابية لملف السلاح، انطلاقاً من استناد غالبية من الكتل والنواب ينتظر أن يتناوب عدد وافر منهم على الكلام إلى المطالبة الملحة بتنفيذ التزامات الحكومة باحتكار الدولة للسلاح إنفاذاً لخطاب قسم رئيس الجمهورية جوزف عون والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام واتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل والقرار 1701.
وتوقعت مصادر في كتل نيابية مؤيدة لنزع سلاح “حزب الله” أن تنجلي الجلسة عن واقع نيابي – سياسي بارز تتجسد عبره صورة غالبية كبيرة تدفع بالسلطة نحو استعجال وضع برنامج زمني لنزع السلاح، بما يعتبر تغطية نيابية وسياسية واسعة لهذه العملية. ولفتت إلى أن المواقف التصعيدية الأخيرة لـ”حزب الله” وتشدّده بل مكابرته حيال رفض تسليم سلاحه، فيما يخوض أركان السلطة ومن ضمنهم رئيس مجلس النواب أقسى مخاض ديبلوماسي في مواجهة الضغوط الخارجية، ستنعكس بقوة على اتّساع الدفع النيابي نحو برمجة نزع كل سلاح غير شرعي. كما أن الجلسة ستشهد إثارة مركّزة من جانب كتل محددة، أبرزها “القوات اللبنانية” وعدد من النواب المستقلين لكشف مضمون الردّ اللبناني الذي سُلّم إلى الموفد الأميركي توم برّاك والتوقعات المتصلة بالردّ الأميركي والخطوات التي ستلي تبلّغ لبنان للردّ مع تجدد المطالبة بعرض الملف بكامله على مجلس الوزراء.
ولن يقف ملف السلاح عند الجلسة النيابية هذا الأسبوع، إذ ثمة محطة أممية ثانية تتمثل في انعقاد مجلس الأمن الدولي يوم الخميس في 17 الجاري في جلسة مشاورات مغلقة حول تنفيذ القرار 1701، الذي دعا في العام 2006 إلى وقف الأعمال العدائية بين “حزب الله” وإسرائيل وأعيد تبنيه جزءاً اساسياً من اتفاق وقف النار الذي أعلن في تشرين الثاني 2024. ومن المتوقع أن يقدم الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقريره حول تنفيذ القرار 1701 الذي صدر قبل أيام ويغطي الفترة من 21 شباط إلى 20 حزيران. ويُتوقع أن يقدم الإحاطات كلٌ من المنسقة الخاصة للبنان جانين هينيس-بلاسخارت، ومساعد الأمين العام لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمح