هل أعلن الحزب حال الطوارئ بعد التصريحات الإسرائيلية؟

يعكس تقرير صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، وما ورد فيه من تصريحات على لسان مسؤولين في القيادة الشمالية لجيش الاحتلال، مزيجاً من الرسائل الميدانية والإعلامية التي تسعى تل أبيب إلى توجيهها بعد الحرب الأخيرة على لبنان. بعض هذه الرسائل موجّه للداخل الإسرائيلي وسكان الشمال، وبعضها الآخر يمكن اعتباره تهديداً جديداً للبنان. ووفق مصادر بارزة في “الثنائي الشيعي”، يمكن استخلاص أربع رسائل أساسية أراد الإسرائيليون تمريرها:

1-الوضع الحالي يناسب إسرائيل بالكامل

“لا يحتاج الأمر إلى كثير من التحليل لملاحظة أن إسرائيل تعلن بشكل غير مباشر أنها مستفيدة من الوضع الراهن في لبنان”، تقول المصادر عبر “المدن”. وتشير إلى أن العدو قد لا يرغب في تغيير هذا الواقع الذي يسمح له بالاستمرار في الاستطلاع الجوي والعمل الاستخباري، ويمنحه حرية استهداف مواقع يزعم أنها “مصانع أو معسكرات”، وتنفيذ اغتيالات شبه يومية.

هذا النهج مرشّح للاستمرار في عموم لبنان، خصوصاً بعد عملية الاغتيال في خلدة، التي حملت رسالة واضحة بأن ساحة العمليات ليست محصورة بمنطقة جغرافية محددة. وهذا يضع المقاومة أمام اختبار صعب: إلى أي مدىً يمكنها تحمّل كلفة استمرار الضغط الإسرائيلي على بيئتها ومقدّراتها العسكرية؟

ترى المصادر أن هذا الواقع يشجّع العدو على التمسّك به، ويشكّل مؤشراً، ولو غير مضمون، إلى أن إسرائيل لا ترغب في حرب واسعة ما دامت مستفيدةً من الوضع الحالي. إلا أن هناك رسائل أخرى لا تقل أهمية عن هذه الرسالة.

2- عدم الاعتراف بالقرار 1701 ولا بأي اتفاق دولي

إقرار الجيش الإسرائيلي بالتحليق المستمر فوق لبنان، وتنفيذ أكثر من 500 غارة جوية، إضافة إلى عمليات اغتيال، والتصريح بأن الوجود الأميركي عنصر أساسي في فرض أي اتفاق، يعكس، وفق المصادر، أن تل أبيب لا تعترف بالقرار الدولي 1701 ولا تلتزم بوقف إطلاق النار.

وهذا يحمل رسالة واضحة إلى الدولة اللبنانية: إمّا اتخاذ قرار أحادي بفكّ الارتباط مع المقاومة، وإمّا مواجهة ضغوط عسكرية واقتصادية متواصلة. أي إن المطلوب هو استسلام سياسي، لا مجرد تطبيق لاتفاق دولي، وهو ما تدركه المقاومة وترفضه تماماً، داعية اللبنانيين إلى التنبّه لهذا المسار في ظل الجلسة الحكومية المرتقبة لمناقشة المطالب الأميركية.

3-تهديد مباشر بضرب الضاحية

يحاول التقرير بناء مبرر استراتيجي لضرب الضاحية الجنوبية مجدداً. فالتحدث عن “مصانع مسيّرات” داخل الضاحية، و”نقل السلاح شمال الليطاني”، مع التأكيد أن حزب الله لا يزال يمتلك صواريخ قادرة على الوصول إلى تل أبيب، يشير إلى أن العدو يهيئ الرأي العام المحلي والدولي لتقبّل أي تصعيد مرتقب، باعتباره “خطوة وقائية”.

وتكشف المصادر أن المقاومة تملك معطيات تشير إلى نوايا عدوانية إسرائيلية ضد الضاحية الجنوبية. كما تكشف أن رئاسة الجمهورية حاولت تحييد بيروت عن أي ضربات إسرائيلية محتملة، لكنها لم تحصل على وعد أميركي بذلك، مشيرة إلى أن الإشارات الأميركية التي وصلت بهذا الخصوص كانت سلبية، وتؤكد أن إسرائيل هي صاحبة القرار في هذا الشأن.

4-البُعد الأميركي

تصريحات الضباط الإسرائيليين التي تؤكد أن الوجود الأميركي عنصر أساسي في تنفيذ أي اتفاق، توحي بأن تل أبيب لا تعتمد فقط على قوتها الذاتية، بل تستند إلى مظلة حماية سياسية وعسكرية أميركية.

وهذا يعني أن إسرائيل تعمل تحت رعاية أميركية كاملة. وما كلام المبعوث الأميركي توم باراك عن “الضمانات” سوى محاولة لذرّ الرماد في العيون، وفق المصادر، التي ترى أن واشنطن لا تلعب دور الوسيط، بل تعمل حصراً لتحقيق المصالح الإسرائيلية. وعلى هذا الأساس، يجب أن تتعامل الدولة اللبنانية مع المقترحات الأميركية.

هل أُعلنت حالة الطوارئ؟

تؤكد المصادر أن المقاومة لم تعلن حالة الطوارئ، ولم تقم بنقل مقاتليها إلى الجبهات، كما زعمت بعض وسائل الإعلام. وتشير إلى أن المقاومة لا تعمل وفق نهج الجيوش النظامية، لكنها تتخذ إجراءات احترازية من دون اعتبار ذلك تهويلاً.

فعلى سبيل المثال، لم يكن قرار منع السفر إلى العراق لأداء مراسم زيارة الأربعين استثنائياً؛ فقد اتُّخذ إجراء مماثل الموسم الماضي: “نحن لا نعيش حالة سلم، بل في ظل حرب مستمرة منذ 8 تشرين الأول 2023، وهناك إجراءات مطبّقة منذ 28 تشرين الثاني من العام نفسه، لا سيما بما يتعلق بالمراكز والمكاتب الحزبية”.

وتجزم المصادر أن المقاومة لا تريد الحرب ولا تسعى إليها، لكنها لن تقف مكتوفة اليدين إن وقعت. لذلك، لا مبرر لكل هذا التهويل حول حرب شاملة وشيكة.

اترك تعليق