هل الطريق بين لبنان وسوريا سالكة بالرعاية السعودية؟!

بدفع سعوديّ كبير تتّجه العلاقات اللبنانية السورية إلى انفراج كبير خلال الأيّام القليلة المقبلة، وذلك عبر الانتقال بالعلاقات من مرحلة التنسيق الأمنيّ بين البلدين إلى مرحلة التنسيق السياسيّ والوزاريّ.
ad

تُولي المملكة العربية السعوديّة بتكليف من وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان بشقيقه الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع أهميّة كبيرة لملفّ العلاقات اللبنانية السوريّة لإدراكها أنّ أمن لبنان من أمن سوريا ولا يمكن حماية أيّ إنجاز في البلدين إلّا بضمان الأمن في البلد الثاني، فلبنان خاصرة دمشق كما دمشق خاصرة لبنان.
ad

مؤشّر الاهتمام السعودي بالملفّ لمسه أعضاء الوفدين الأمنيَّين اللبناني والسوري خلال الاجتماع الأخير الذي عُقد في العاصمة السعودية الرياض لبحث ملفّ ترسيم الحدود، إذ فوجئ الوفدان بحضور الأمير خالد بن سلمان طوال اللقاء الذي تجاوز ساعتين من الزمن، وإلى جانبه المبعوث السعودي إلى لبنان الأمير يزيد بن فرحان، ولم يكتفِ الأمير الشابّ بافتتاح اللقاء وحسب، بل حضره من بدايته حتّى نهايته مديراً النقاش مع إمساكه بكلّ التفاصيل المتعلّقة بالحدود بين البلدين.

نوايا سوريّة حسنة
ad

تبدي السلطة السوريّة الجديدة رغبتها بأفضل العلاقات مع لبنان، وقد فاجأ رئيس جهاز الاستخبارات العامّة في سوريا حسين السلامة نظيره اللبناني مدير المخابرات العميد طوني قهوجي في اجتماع الرياض الأخير بالقول: ” نحن نريد أن نتعلّم منكم فأفيدونا بما يمكن أن نفعله على طول الحدود كي نتعاون معاً على إنجازه”.

تحت عنوان حسن النيّة السورية عملت المملكة على تذليل عقبتين أساسيّتين بين البلدين، ولكلّ بلد مطلب يختلف عن مطلب البلد الآخر. المطلب اللبناني أقرب إلى العتب الذي مبعثه أنّ المسؤولين اللبنانيّين يرون أنّ القيادة السوريّة لم تعامل القيادة السياسية اللبنانية بالمثل. فقد زار رئيسا الحكومة نجيب ميقاتي ثمّ نوّاف سلام دمشق والتقيا الرئيس أحمد الشرع فيما لم يقُم أيّ مسؤول سوريّ حتّى هذه اللحظة بزيارة لبنان، والزيارة التي سبق أن أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني نيّته القيام بها تأجّلت وسُحبت من التداول. ويؤكّد الجانب اللبناني ضرورة الحصول على ضمانات لإبعاد المنظّمات الإرهابية عن حدود لبنان، وهو ما تعامل معه رئيس الاستخبارات السوريّة حسين السلامة بالقول خلال الاجتماع: “محاربة داعش اختصاصيّ”.
ad

بالمقابل، ترى السلطات السورية أنّ التعاطي اللبناني مع ملفّ الموقوفين السوريّين في السجون اللبنانية، خاصّة الموقوفين بتهمة مساندة الثورة والعداء لنظام بشّار الأسد، غير مقبول. وما ييزال الأمن العامّ اللبناني يعمد إلى توقيف الناشطين السوريّين الآتين عبر مطار بيروت بتهمة معاداة نظام بشّار الأسد.
ad

على قاعدة خطوة مقابل خطوة عمدت الرعاية السعوديّة إلى فكفكة المطلبين السوري واللبناني عبر تنظيم زيارة لوفد أمنيّ قضائيّ سوريّ للبنان خلال الأيّام القليلة المقبلة، وستنتج هذه الزيارة ثلاث نقاط:

توقيع اتّفاق بين البلدين يسمح بنقل الموقوفين السوريّين في لبنان لأسباب سياسية إلى سوريا. أمّا باقي السجناء الذين بحقّهم أحكام قضائية بتهم جنائيّة فيُبحث وضعهم وفقاً لكلّ حالة على حدة ووفقاً للآليّات القانونية، وتحديداً لجهة الاختصاص المكانيّ.
استعادة التمثيل الدبلوماسي الكامل بين البلدين وتعيين السفيرين في دمشق وبيروت.
معالجة آليّة الدخول والخروج بين البلدين باتّفاق جديد يُصاغ على قاعدة التعامل بالمثل.
ad

ثقة سعوديّة

يحظى رئيسا الوفدين في ملفّ ترسيم الحدود بثقة سعوديّة كبيرة تستند إلى التجربة والوقائع. تنظر القيادة السعودية بتقدير إلى مدير المخابرات اللبنانية العماد طوني قهوجي. وهو تقدير بدأ مع ملفّ اختطاف الموظّف في السفارة السعودية (م. المطيري) في أيّار 2023 حين تمكّنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وبسرعة كبيرة وفعّالية مهنيّة من الإفراج عنه وتوقيف الخاطفين في البقاع، وحينما طلب قائد الجيش في حينه العماد جوزف عون من مدير المخابرات العماد طوني قهوجي إعلام الجانب السعودي بتحريره، استغرب الجانب السعودي سرعة التنفيذ طالباً صورة المواطن المحرَّر.
ad

تنظر القيادة السعودية بتقدير لرئيس جهاز الاستخبارات العامّة في سوريا حسين السلامة (31 عاماً) الذي عُيّن أواخر شهر آذار خلفاً لأنس الخطاب الذي عُيّن وزيراً للداخليّة، إن لقدراته الأمنيّة أو العلميّة إذ يحمل دبلوماً في الإدارة والاقتصاد أو لتاريخه في محاربة تنظيم داعش في المنطقة الشرقية من سوريا عامَي 2013 و2014 محقّقاً نتائج حاسمة في هذه المواجهات. وأشرف على الاتّفاق الذي وُقّع مع قوّات سوريا الديمقراطية في آذار الفائت.
ad

يجري تعبيد مسار بناء العلاقات الندّية والأخويّة بين لبنان وسوريا بضمانة سعودية وموافقة أميركية، وهذا يحقّق الطمأنينة عند النظامين.

اترك تعليق