يتّضح بعد تصريح رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان الذي ورد فيه أن اللجنة «وافقت على اعتماد إضافي بقيمة 2250 مليار ليرة لتمويل زيادة 12 مليون ليرة شهرياً لجميع المتقاعدين في القطاع العام. لكن يبقى المطلوب حلّ شامل لهذه المسألة خارج إطار الاجتزاء»، أن هذا التمويل محصور بموازنة 2025 دون أي حسم لجهة الأشهر والسنوات التالية، وأنه بات يترتب على الحكومة وضع حدّ لكل «البدع» التي ضمّنتها في رواتب القطاع العام عبر التعامل مع هذه المشكلة بشكل جذري.
لذا، المطلوب موقف واضح من الهيئات والروابط النقابية في ما خصّ موازنة 2026 لتخصيص الاعتمادات المطلوبة لتغطية تصحيح الرواتب والمعاشات التقاعدية على أساس 50% مما كانت عليه عشية عام 2019، وإلا فالنزول إلى الشارع بات حتمياً.
ما قاله رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان في تصريحه إثر انعقاد اللجنة قبل أيام، ينطوي على شقين متلازمين: الأول يشير إلى أن الاعتماد الإضافي في موازنة 2025 لتمويل زيادة الـ 12 مليون ليرة شهرياً للمتقاعدين المدنيين في القطاع العام اعتباراً من أول آب 2025، يعني أن هذه الزيادة محصورة بموازنة 2025، ما يثير سؤالاً عن استمرار تسديد هذه الزيادة في السنة التالية. وهذا احتمال وارد جداً، إلا إذا كانت الحكومة قد أدخلت ألغاماً في موازنة 2026. أما الثاني، فهو يتعلق بمطلب اللجنة بوضع حدّ للمساعدات الاجتماعية والمنح والتعويضات وغيرها من البدع، وضرورة وضع حلّ شامل لهذه المسألة خارج إطار الاجتزاء.
وهذا ما يوجب معالجة هذه المشكلة بشكل نهائي وجذري عبر إقرار سلسلة رتب ورواتب جديدة منصفة ومناسبة تنهي البدع والمعالجات الجزئية وغير المتناسبة وتزيل الخسائر اللاحقة بالرواتب والمعاشات التقاعدية والتي تجاوزت 80% من قيمة ما تقاضوه قبل 17 تشرين 2019 مع ضرورة احتساب درجات التدرّج التي كان يجب أن يستفيد منها جميع العاملين في القطاع العام والعسكريين في الخدمة على حد سواء منذ عام 2019 حتى تاريخه.
وفي ظل غياب أي مؤشّر لإقرار سلسلة الرتب والرواتب الجديدة تبقى الأسئلة الأساسية:
– ما هو موقف الهيئات والروابط للعاملين في القطاع العام والمتقاعدين المدنيين والعسكريين من مشروع سلسلة الرتب والرواتب الجديدة في الوقت الذي لم تلحظ موازنة العام القادم 2026 في أي من بنودها أي اعتماد أو فقرة واحدة بهذا الخصوص؟
– متى وكيف ستحدّد الهيئات والروابط وهيئة التنسيق النقابية والمجلس التنسيقي للمتقاعدين المدنيين والعسكريين موقفهم من استمرار المعاناة والإذلال والإفقار المتمادي وسياسة علاج مرض السرطان (أي تدنّي المداخيل إلى أقل من 20% مما كانت عليه عشية 2019) بحبوب مسكنة (منح، تقديمات، بدلات، مساعدات اجتماعية) وتجاهل علاج المرض الحقيقي؟
– متى ستحدّد خطوات الضغط التصاعدي (إضرابات، اعتصامات، تظاهرات، وغيرها) بما يحقق إقرار سلسلة رتب ورواتب تكون منطلقاً لاستعادة القدرة الشرائية للرواتب والمعاشات التقاعدية، وذلك على قاعدة تسهيل الحلول أمام الحكومة عبر:
– تصحيح الرواتب والمعاشات بشكل متدرج على أساس 50% من التصحيح عام 2026 وتقسيط الباقي خلال السنتين التاليتين لتصبح قيمة هذه الرواتب والمعاشات التقاعدية خلال السنوات الثلاث القادمة كما كانت عشية عام 2019.
– الحفاظ على نسبة الـ 85% للمعاشات التقاعدية للمدنيين والعسكريين، والاحتفاظ بحقّ التدرّج والزيادات الدورية لمن هم في الخدمة الفعلية.
– إعادة احتساب تعويضات نهاية الخدمة لمن انتهت خدماتهم بعد هذا التاريخ على قاعدة سعر صرف الدولار على أساس قيمته الفعلية الجديدة، وليس على قاعدة سعر صرف 1500 ليرة للدولار.
– إعادة احتساب التعويض العائلي على أساس 75% من الحدّ الأدنى للأجور الجديد بدلاً من استمرار احتسابه 255 ألف ليرة على أساس 75% من الحدّ الأدنى للأجور الذي كان معتمداً قبل 1996 بقيمة 300 ألف ليرة.
– إعادة احتساب بدلات باقي المطالب الملحّة الأخرى التي تعتبر من مكملات الرواتب، كبدلات النقل والتقديمات الاجتماعية والمنح والتعويضات وغيرها على أساس السعر الحقيقي للدولار المعتمد حالياً.
إذاً نحن بانتظار إقرار قانون منحة الـ 12 مليون ليرة شهرياً للمتقاعدين اعتباراً من 1 آب 2025، وإعادة نظر الحكومة بموازنة 2026 وتخصيص الاعتمادات المطلوبة لتغطية الزيادة المطلوبة خلال هذه السنة، أي تصحيح الرواتب والمعاشات التقاعدية وباقي البدلات والتعويضات على أساس 50% مما كانت عليه عشية عام 2019، وإلا فالنزول إلى الشارع بات حتمياً وتتحمل الحكومة مسؤولية ما سيترتب على ذلك من نتائج.