ليس معلوماً ما قد تفرزه «القلوب المليانة» في الآتي من الأيام، أكان على الصعيد السياسي او الحكومي او الوزاري، الّا انّ ما هو معلوم وواضح للعيان على الضفة السياسية المقابلة، هي الإشعال المتعمّد لورقة الانتخابات النيابية، وإحاطة هذا الاستحقاق بصخب سجالي وممارسات من قبل جهات سياسية ذات اللون السيادي، بدت وكأنّها تضع مطبّات وعراقيل في طريق الانتخابات لعدم إجرائها في موعدها، وبالتالي تأجيلها لسنة او سنتين، وفق ما يتردّد صراحة في أوساط تلك الجهات. وضمن اللعبة التعطيلية يندرج أداؤهم الأخير بتطيير نصاب الجلسة التشريعية قبل ايام.
والواضح في هذا السياق، انّ «القوات اللبنانية»، مرفودة بكتل نيابية صغيرة وبعض التغييريين المستفيدين من أصوات المغتربين، تتصدّر الحملة لفرض تصويت اللبنانيين المنتشرين لكل المجلس. وحمّل مصدر سيادي رئيس المجلس مسؤولية عدم الاستجابة لمطالبة اكثر من 60 نائباً بطرح اقتراح المغتربين على الهيئة العامة للمجلس لإقراره، وقال لـ«الجمهورية»: «انّ المعركة ستستمر لتحقيق هذا الأمر، وإحباط المحاولة المكشوفة المرامي والأبعاد، لحرمان المغتربين، او بالأحرى لسلبهم حقهم في انتخاب كل نواب المجلس وشراكتهم في تقرير سياسة بلدهم».
وعمّا إذا كانت مقاطعة جلسات مجلس النواب على ما جرى في الجلسة التشريعية وإفقادها النصاب، سارية على كل جلسات المجلس اللاحقة، قال: «مقاطعة أعمال مجلس النواب ليست فعلاً آنياً فقط، فأمامنا معركة طويلة وسنخوضها بكل ما أُوتينا لتصويب المسار وإعادة تأكيد هذا الحق للمغتربين، ومنع التعاطي معهم وكأنّهم لبنانيون درجة ثانية».
وأما على الضفة المقابلة الرافضة لإشراك المغتربين في التصويت لكل المجلس، فتبدو الصورة مختلفة جذرياً، ويؤكّد مسؤول سياسي كبير رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «إنّ التباكي الذي نراه ليس على حق المغتربين بالتصويت، بل على مقعد بالزايد هنا وهناك، هذه هي حقيقة مسعاهم ولا تحجبها أي محاولة من قبلهم لتغليفها بالحديث عن العدالة، وحق الاغتراب، والوطن الأم، ومساواة المغترب بالمقيم، وما شابه ذلك من عناوين وشعارات».
ad
ولفت إلى «انّ عملية التجييش التي يفتعلونها لن توصل إلى أي مكان، هم شاطرون بالتصعيد والضخ الإعلامي والدعائي، ولكن هذه الشطارة او التشاطر لا ينفع في الكثير من الأحيان. نحن نفهم أنّ تصعيدهم مردّه إلى شعورهم بأنّ الرياح ليست مؤاتية لمصلحتهم، ولذلك يرفعون صوتهم، ويريدون من الآخرين أن يماشونهم في ذلك، وهذا امر عجيب غريب».
ويذهب المسؤول الكبير في مقاربته لما سمّاه «التصعيد السيادي» على حلبة الانتخابات النيابية، إلى وصفه بمراهقة سياسية موصوفة، ويقول: «يقبلون بالشيء ثم يرفضونه. فتلك الجهات عند إعداد القانون الانتخابي النافذ، كانت أكثر المتحمسين لإقراره بالصيغة التي أُقرّ فيها لناحية إشراك المغتربين في الانتخابات لكل اعضاء المجلس النيابي لمرّة واحدة، على أن تُحصر شراكتهم في الانتخابات التالية (اي الانتخابات المقبلة) في التصويت للنواب الستة الموزعين على القارات الست. ولكن عندما درسوا أوضاعهم وأجروا حساباتهم وجدوا انّ القانون الانتخابي النافذ قد يقلّص أحجامهم، نسوا حماستهم تلك وناقضوا انفسهم وغيّروا رأيهم ورفعوا لواء المغتربين، ويريدون أن يقنعونا بأنّهم حريصون على المغتربين وحقهم في الانتخاب»!














