قوّة أوروبيّة “ترث” اليونيفيل في الجنوب

مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتّفاق غزّة، دخل الاشتباك على السلاح في لبنان مرحلة متقدّمة دشّنتها إسرائيل بتوجيه ضربات صاروخية على بعد أمتار قليلة من مقرّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، حليف “الحزب” الأوّل، حملت رسالة سياسيّة مباشرة قوبلت برسالة أكبر أمس من المدينة الرياضية، مع تقديم “الحزب” عرضَ قوّة لافتاً، على مستوى جمهوره، هو الأكبر منذ تشييع أمينه العامّ الراحل السيّد حسن نصرالله، والأضخم على الإطلاق لتجمّع كشفيّ في تاريخ لبنان.

لم تكن قد مضت أيّام قليلة على رفع الرئيس برّي الصوت عالياً بوجه حكومة نوّاف سلام “يللي ما عم بتقول مرحبا للجنوبيّين”، رافضاً ربطها ملفّ إعادة الإعمار بأيّ أثمان سياسية، حتّى نالت المصيلح نصيبها من الاعتداءات الإسرائيليّة برسالة حملت بعداً سياسيّاً واضحاً، لناحية اختيار العدوّ الإسرائيلي هذا التوقيت بالذات لإحداث “مجزرة آليّات” ترتبط مباشرة بالهدف الإسرائيلي بمنع عودة الجنوبيّين في المدى القريب إلى قراهم، حتّى تلك البعيدة عن الشريط الحدودي، والقول للحكومة نفسها ولـ”الحزب” وحلفائه إنّ “اتّفاق بيروت” منفصل عن “اتّفاق غزّة”.

اشتراط الرئيس برّي تضمين الموازنة بنوداً تنفيذيّة لتمويل إعادة الإعمار، وقيام الحكومة بواجباتها بالإمكانات المتاحة، وعودة مجلس النوّاب إلى التشريع، “المُجمّد” راهناً، لإقرار قرض 250 مليون دولار من البنك الدوليّ لإعادة إعمار البنى التحتية المتضرّرة، كلّ ذلك لن يُغيّر شيئاً في معادلة باتت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتفاهمات المنطقة، وبالحسابات الإسرائيليّة الداخليّة، ومآل التفاوض الأميركي-الإيراني.
تؤكّد المصادر الدبلوماسيّة أن “لا اجتماع لـ”لجنة الميكانيزم” هذا الأسبوع، بسبب غياب الموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس

لا إعادة للإعمار

وفق مصادر سياسيّة مطّلعة تقدّم الموفدون الأجانب، خصوصاً الأميركيّين، أشواطاً في محاولة إفهام السلطة في لبنان بأن “لا إعادة إعمار قبل تسليم آخر قطعة سلاح لـ”الحزب”، وبدء التفاوض المباشر مع الإسرائيليّين”.

أتى ردّ رئيس الحكومة نوّاف سلام على برّي بالغ الوضوح حين وَضَع أمامه المعادلة على حقيقتها، مُلمّحاً إلى أنّ الخيار السياسيّ الذي لا يزال “الحزب” هو أحد عوائق غياب الدعم الدوليّ حين قال: “بغياب أيّ دعم خارجيّ لأسباب معروفة، وضمن إمكانات الدولة المحدودة، قدّمت وزارة الشؤون الاجتماعية مساعدة ماليّة شهريّة لـ67 ألف عائلة متضرّرة من الحرب، وقدّمت بدل إيجار شهريّاً لـ10 آلاف عائلة هُجّرت بسبب الحرب، علاوة على قيام الوزارات المعنيّة بالإصلاحات الضروريّة لإعادة الخدمات إلى المناطق المتضرّرة، وحوّلنا المبالغ المطلوبة إلى مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة”.

بالمقابل، لا يزال “الحزب” يُحمّل حكومة نوّاف سلام المسؤوليّة عن التقصير، وقد أكّد نائب “الحزب” حسن فضل الله أمس أنّ “الدولة لم تقُم بما عليها، وهناك غياب للحماية الرسميّة والرعاية من خلال تجاهل الحكومة لِما يحصل، وعدم تحمّل مسؤوليّاتها عن إعادة الإعمار”.

لن يكون ملفّ إعادة الإعمار، الذي قد يُجمّد لأشهر وسنوات، سوى أحد متفرّعات أزمة السلاح في ظلّ مشهد دوليّ يُكرّس، وفق مصادر دبلوماسيّة تحدّثت إلى “أساس”، اهتماماً استثنائيّاً بغزّة وسوريا على حساب لبنان الذي سيكون “المتلقّي الطبيعي” لنتائج الاتّفاقات التي ستحكمهما.
مصادر سياسيّة مطّلعة: تقدّم الموفدون الأجانب، أشواطاً في محاولة إفهام السلطة في لبنان بأن “لا إعادة إعمار قبل تسليم آخر قطعة سلاح لـ”الحزب”، وبدء التفاوض المباشر مع الإسرائيليّين”

قوّة أوروبيّة في الجنوب

تؤكّد المصادر الدبلوماسيّة أن “لا اجتماع لـ”لجنة الميكانيزم” هذا الأسبوع، بسبب غياب الموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس، لا سيّما أنّ اجتماع شرم الشيخ اليوم الإثنين سيخطف الأنظار لجهة الحشد الدولي الذي سيتقدّمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتقديم الضمانات الكافية لتطبيق اتّفاق غزّة بمراحله الثلاث”، مشيرة إلى أنّ “وهج الوفود الدولية، لناحية نوعيّتها، قد بدأ يخفّ، تحديداً بعد زيارة الوفد الأميركي الموسّع للبنان في 26 و27 آب، الذي بدا كخاتمة لمهمّة توم بارّاك نفسه”.

بدا لافتاً تقدّم الأوروبيّين المشهد، وقد أتوا في معرض الاستماع أكثر من الكلام، مع حديثهم المستمرّ عن مصير “اليونيفيل”، وما بعد انتهاء ولايتها، خصوصاً أنّ القوّات الدولية لا تزال تتعرّض لاعتداءات إسرائيليّة مستمرّة آخرها يوم السبت.

اترك تعليق