الاغتراب سينتخب الـ128 مهما كان الثمن

تلتقي التوقعات كلها لدى أهل السياسة والدبلوماسيين والخبراء الذين يتحركون على تماس مع الوقائع السياسية والميدانية والمعلومات المتوافرة، على التأكيد أن المراوحة السلبية هي المرجّحة على الساحة اللبنانية على صعيد المواجهة بين “حزب الله” وإسرائيل، لكنها مراوحة بخط تصاعدي، من خلال الاحتمال الغالب بتصعيد الضربات الإسرائيلية على أهداف متنوعة في لبنان، وصولًاا إلى إمكان الدخول في حرب جديدة، لكن الأكيد أن “حزب الله” في نهاية المطاف لن يبقى بجناحه العسكري، على أن هذا الأمر سيحتاج على الأكثر إلى سنة واحدة كحد أقصى ليتحقق.

وتنصح أوساط قيادية سيادية بعدم إهمال العامل الإيراني، باعتبار أن المواجهة مع إيران لن تصل إلى خواتيمها بسهولة، بل تحتاج إلى مدة مماثلة لتنتهي بشكل أو بآخر، أو لتتراجع بشكل كبير. وتقول: “نحن عمليًا في قلب العصر الأميركي بما يعنيه من سيطرة وتحكم وربط بين مختلف النزاعات والقضايا التي تضج بها منطقة الشرق الأوسط، إذ لا يمكن الحديث عن حل هنا وحرب هناك، أو عن نزاع هنا واستقرار هناك، وعليه لا يمكن للوضع اللبناني أن يستمر استثناءً في المنطقة، بل سيستمر التوتر والتجاذب ومعه الهجمات الإسرائيلية التي يبدو أن “حزب الله” يتهيب الرد عليها حتى إشعار آخر”.

أضافت الأوساط نفسها: “أما في ما يتعلق بالموقف العربي، فقد نشهد ما يشبه حصارًا عربيًا على لبنان، على الرغم من استعداد سعودي خجول لانفتاح محدود على الصعيد التجاري مع لبنان، لكنه استعداد لا علاقة له بالقرار الثابت بعدم تقديم أي مساعدات مالية واقتصادية واستثمارية وإعمارية للبنان، ما عدا المساعدات الإنسانية”.

وتتوقع الأوساط السيادية أن تتصاعد وتيرة العقوبات الأميركية بحق مؤسسات وأفراد لبنانيين من جماعة “حزب الله” ومن انتماءات أخرى، بل إنها لا تستبعد أن تطول العقوبات أشخاصًا قريبين من مراجع عليا في الدولة، باعتبار أن هناك من يسهل على “حزب الله” حركيته على صعيد التزود بالسلاح والمال. وتأسف لحقيقة أن لبنان الرسمي أضاع فرصة فريدة كي تستعيد الدولة زمام الأمور بقوة وحزم وأن تفرض سيادتها من دون أي شريك على قرارها وأراضيها. وما يضاعف الأسف هو التعاطي مع الرئيس نبيه بري وكأنه فزاعة أو لاعب لا يمكن تخطيه على مختلف الصعد، علمًا أن الرئيس بري لم يكن يعتقد منذ بضعة أشهر أنه سيستمر في دوره المحوري على صعيد السلطة والقرار السياسي.

وتلفت الأوساط نفسها إلى أن لبنان بدأ يتراجع في سلم الأولويات، وترى أن الأميركيين بدأوا يراهنون على سيبة ثنائية متينة بنسبة كبيرة في المنطقة ترتكز على كل من إسرائيل وسوريا، وبالتالي لن يخصصوا الكثير من الاهتمام بلبنان وسيتركونه فريسة التجاذبات مع دعم أكيد لأي عمليات عسكرية إسرائيلية على “حزب الله”، وهذا مغزى ضياع الفرصة، في وقت نجح الرئيس السوري أحمد الشرع في كسب عدد من النقاط ليثبت موقعه في المعادلة، وإن كان هذا الموقع يشوبه الضعف نتيجة حالة التشرذم التي ما تزال تشهدها سوريا.

وتتوقف عند معلومات أكيدة بنسبة كبيرة حول حصول “حزب الله” على نحو مليار دولار خلال عام واحد، وهو رقم مرتفع جدًا ويقتضي من الدولة اللبنانية بسلطاتها وأجهزتها المعنية أن تعزز إجراءاتها لمنع هذه الظاهرة التي لا تعترف بدولة وبقانون وبنظام مالي ومصرفي

اترك تعليق