اسرائيل تستعدُّ لإستدراج حزب الله

بين أخطر استهداف يكرِّس التصرُّف الإسرائيلي تجاه اتفاق وقف النار الذي يبلغ عاماً كاملاً، بعد يومين، بتنفيذ عملية اغتيال لمسؤول عسكري كبير في حزب الله مع أربعة من مساعديه الكبار، والزيارة المقرَّرة للبابا لاون الرابع عشر بدءاً من السبت المقبل ولغاية الثلاثاء في 2 ك1، يعيش البلد مرحلة ترقب، على أمل أن يتمكن المعنيون من لجم العدوانية الإسرائيلية التي تتوعد البلد «بقتال لأيام» لإنهاك حزب الله، وبدأت وحداتها العسكرية القيام بتدريبات تحاكي تدخلاً عسكرياً برياً بدءاً من الحدود الشمالية مع لبنان.
بالمقابل، ينتظر لبنان وصول وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الى بيروت للبحث في آلية لنزع فتيل تصعيد اسرائيلي محدق بلبنان، بعد مشاورات أجراها الوزير المصري مع نظيرَيْه السعودي الامير فيصل بن فرحان والفرنسي جان نويل بارو على هامش قمة العشرين في جوهاسنبورغ، وتقوم على تنفيذ مبادرة مدير المخابرات المصرية حسن رشاد وتنطلق الآلية من:
1- مبادرة اسرائيل للانسحاب من نقطة من النقاط الخمس مقابل تسليم حزب الله سلاحه.
2- منع إقدام اسرائيل على عمليات جديدة ضد المواطنين اللبنانيين.
3- ونزع فتيل التفجير بأي طريقة من الطرق.
وعُلم أن عبد العاطي اجرى اتصالاً بوزير الخارجية القطري للغاية نفسها.
وقال مصدر دبلوماسي عربي ان الوزير المصري يأتي الى لبنان باسم اللجنة الخماسية المعنية برعاية الاستقرار في لبنان.
وبالانتظار استبعد مسؤول اميركي ان يتجه حزب الله الى التصعيد..
وتباينت المعلومات حول ما اذا كان هناك ضوء اخضر اميركي بشأن الضربة الاسرائيلية للضاحية الجنوبية، ام ان المسألة اقتصرت على الإشعار بالضربة بعد حصولها.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان هناك إتصالات تتم على مستويين لمنع التصعيد في لبنان، إتصالات في الداخل من اجل ضبط الوضع وعدم حصول ردات فعل، وإتصالات في الخارج لمواكبة الموضوع والضغط على اسرائيل كي لا تستكمل اعتداءاتها.
وفُهم انه جرت متابعة التفاصيل الجديدة التي توافرت عن استهداف الضاحية الجنوبية.
وقالت إن الإنشغال بالتحضيرات لزيارة الحبر الأعظم البابا لاون الرابع عشر عن متابعة ملف الإتصالات لتجنيب لبنان أية سيناريوهات سلبية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن رئيس الأركان ايال زامير تفقد صباح امس منطقة الفرقة 210 خلال تمرين مفاجئ في المنطقة للتعامل مع حادث طارئ ومفاجئ. واطلع على الاستعدادات على الحدود اللبنانية وأوعز بالحفاظ على الجاهزية العملياتية المتزايدة في ضوء عملية القضاء على قائد أركان حزب الله». وكان الجيش الإسرائيلي اعلن بدء مناورات على مستوى قيادة الأركان للتعامل مع حالة حرب.
كما ذكر إعلام إسرائيلي: ان الجيش نقل رسالة لحزب الله وحكومة لبنان مفادها أن إطلاق أي صاروخ سيؤدي لرد غير متناسب. فيمانقلت قناة «الحدث» عن مصدر في حزب الله: أن الظروف الحالية لا تسمح بالرد على اغتيال الطبطبائي.
ورجحّت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية : «أن يسعى حزب الله إلى تجنب جولة أخرى واسعة النطاق من القتال مع إسرائيل وأن يختار حزب الله تأجيل رده بسبب الضغط الداخلي أو الاكتفاء بعمل رمزي محدود».
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأنّ المنظومة الأمنية مستعدة لكل السيناريوهات. وأشارت القناة إلى أنّ أحد احتمالات الردّ هو أن يطلق تنظيمًا في لبنان الصواريخ بدلاً من «حزب الله»، مضيفةً أنّ «الجيش الإسرائيلي يمتلك مسبقاً خططًا «غير متناسبة» للرد بحال إطلاق نار من لبنان». وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»: أن سلاح الجو الإسرائيلي عزّز دفاعاته الجوية ورفع مستوى تأهبه في الشمال تحسبًا لإطلاق «حزب الله» صواريخ من لبنان. وبسبب هذه التقديرات ذكرت وسائل اعلام عبرية انه تم امس فتح الملاجىء في مستوطنات الشمال قبالة لبنان.
من جهة أخرى، أوضح مصدر أمني إسرائيلي، أن «جولة الإضعاف لحزب الله يجب أن تُنجز قبل نهاية العام، وأن حكومة لبنان لن تقوم بهذه المهمة، ولن ننتظر. وإذا لم نضعف حزب الله قبل نهاية العام فسيفاجئنا في التوقيت، ويمكن إضعاف الحزب دراماتيكيًّا لسنوات طويلة بقتال لأيام فقط».
وفي المنطقة الشمالية، استقدم جيش الاحتلال تعزيزات اضافية، ولم يتوقف الطيران المعادي عن التحليق، مع توجيه تحذيرات للمستوطنين، وتفعيل منظومات دفاعية خشية رد محتمل وفقاً للتقديرات الاسرائيلية.
واعتبر الرئيس جوزف عون ان استهداف اسرائيل الضاحية بالتزامن مع ذكرى الاستقلال دليل آخر على انها لا تأبه للدعوات المتكررة لوقف اعتداءاتها على لبنان، وترفض تطبيق القرارات الدولية وكل المساعي والمبادرات المطروحة لوضع حدّ للتصعيد، وإعادة الاستقرار ليس فقط الى لبنان بل الى المنطقة ككل.
ورأى الرئيس نواف سلام ان الاعتداء على الضاحية الجنوبية يتطلب توحيد كل الجهود خلف الدولة ومؤسساتها.. مشيراً الى ان «حماية اللبنانيين ومنع الانزلاق الى مسارات خطرة هي ألوية الحكومة في هذه المرحلة».

العدوان يقوِّض فرصة للتفاوض

وحسب مصادر سياسية واسعة الاطلاع، فإن العدوان على الضاحية الجنوبية قوّض اي فرصة للتفاوض من اجل وقف الاعمال العدوانية وتحقيق الاستقرار على جانبي الحدود، بل كان العدوان رداً بالنارعلى مبادرة الرئيس جوزيف عون التفاوضية التي اطلقها عشية عيد الاستقلال، فيما لم يصدر اي موقف حول العدوان لا عن لجنة الاشراف على تنفيذ وقف اطلاق النار – ميكانيزم، ولا عن الدولتين المنضويتين فيها اميركا وفرنسا، وكأِن هذا الصمت يستبطن نوعاً من الموافقة الضمنية على ممارسة الاحتلال مزيداً من الضغط والتصعيد العسكري المترافق مع الضغط السياسي والاقتصادي- الخدماتي، لدفع لبنان وحزب الله الى خطوات اخرى نحو التفاوض المباشر الذي يتجاوز الطابع الامني.
وافادت المعلومات بأن لجنة «الميكانيزم» «الخماسية» تبلغت من اسرائيل بأن عملية الاغتيال التي نفذتها إسرائيل بحق رئيس اركان قوات حزب الله هيثم طبطبائي واربعة من معاونيه، لن تشكل تصعيدًا إلا إذا ردّ عليها حزب الله». وأكد مسؤول أميركي في حديث صحفي «على مواصلة العمل من أجل الحفاظ على عمل الآلية الخماسية، رافعين من وتيرة الاجتماعات إلى مرتين شهريًا، مشيراً إلى التواصل مع الأطراف عبر الخماسية لإحراز تقدم بين إسرائيل ولبنان».
وحدها الامم المتحدة دعت امس خلال جلسة لبحث الوضع في الشرق الاوسط لا سيما في فلسطين، «جميع الأطراف لوقف الأعمال العدائية في لبنان والامتثال للقرار 1701. وناشدت، القادة والسياسيين وقف اللغة التحريضية التي تغذي العنف».
لكن قبل العدوان، صدر موقف لافت للإنتباه للرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون، الذي قال: أن خطاب الرئيس عون بمناسبة ذكرى الاستقلال «بالغ الأهميّة، معتبراً أنّه عبّر عمّا نراه نحن أيضاً، أي ضرورة التصرّف بحزم وفاعليّة حيال حزب الله، وتنفيذ خطّتنا الرامية بوضوح إلى استعادة السيادة اللبنانيّة في الجنوب».
ورأى ماكرون أنّ «الأسابيع والأشهر المقبلة ستكون حاسمة للغاية في تحقيق هذا الهدف«، معرباً عن اعتقاده أنّ «الالتزامات الّتي أعلنها الرئيس عون في خطابه مهمّة للغاية، وسنتابع تنفيذها».
وقال: في الوقت نفسه، سننظّم مؤتمراً في فرنسا لدعم تعافي لبنان، وأصدقاؤنا في السعودية سينظّمون أيضاً مؤتمراً لتمويل القوّات المسلّحة اللّبنانيّة، بالتنسيق الوثيق معنا. وهذان الرّكنان أساسيّان لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض.

اترك تعليق