يودّع لبنان اليوم سنة كانت مثقلة بالأزمات تورثها للسنة الجديدة، على وقع تقصٍ حثيث لحقيقة النتائج التي أفضى اليها لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فيما ساد بعض الأوساط السياسية انطباع مفاده انّ الأول أعطى الثاني ما يشبه الضوء الاخضر في شأن لبنان، استناداً إلى قول ترامب بعد اللقاء عندما سُئل عن استمرار إسرائيل في مهاجمة «حزب الله»: «سنرى ذلك، الحكومة اللبنانية في وضع غير موات بعض الشيء، و»حزب الله» يتصرف في شكل سيئ، سنرى ماذا سيحدث».
ما بعد لقاء ترامب ـ نتنياهو هل يكون كما قبله؟ سؤال تجيب عنه مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، قائلة: «بالطبع لا… لأنّ نتنياهو سيعود أقله بضوء أخضر أميركي باستكمال الضغط على «حزب الله» وحركة «حماس»، وإذا كان قد أمهل «حماس» شهرين، فإنّه لم يعط اي إشارة إيجابية تجاه لبنان، ولم يعر اهتماماً لا للدولة ولا لرئيس الجمهورية ولا للحكومة، على العكس تحدث عن مساوئ disadvantage، وهذا يترجم تكثيف الغارات والاعتداءات على لبنان وصولاً إلى تصعيد تقدّره إسرائيل، مع المحافظة على الخطوط الحمراء الموضوعة من قبل واشنطن، وهي تجنّب حرب واسعة». وتضيف المصادر «انّ مقايضة واضحة حصلت بين ترامب ونتنياهو، في سوريا ممنوع هزّ نظام الشرع، مع الإبقاء على مطالب إسرائيل فيها (منطقة عازلة مع حماية الأقليات إرضاء لترامب) مقابل إطلاق يد في غزة ولبنان، مع عودة إلى واشنطن في القرارات الكبرى… وعليه فإنّ التهويل الذي أخذ استراحة خلال فترة الأعياد سيُعاود بقوة مع السنة الجديدة، مع ضغط عسكري مفتاحه بيد نتنياهو، وهدفه بالتأكيد الضغط على الدولة و«حزب الله» لتسليم السلاح، وتثبيت المنطقة العازلة».
في هذه الأثناء، عكفت القوى السياسية وأهل الحكم أمس، على تلقف ما أمكن من معلومات حول الموقف الأميركي تجاه الملف اللبناني، عقب لقاء فلوريدا بين ترامب ونتنياهو. وعلى رغم من تباين التقديرات في لبنان حول ما دار في هذا الاجتماع، فإنّ المؤكّد هو ما أعلنه ترامب صراحة، من أنّ واشنطن تمنح الحكومة اللبنانية فرصة لتترجم التزامها ببنود اتفاق تشرين الثاني 2024، تحديداً لجهة نزع سلاح «حزب الله».
وتستند مصادر سياسية إلى المهلة التي منحتها قمة ترامب ـ نتنياهو لنزع سلاح «حماس» في غزة، والتي حُدّدت بشهرين، لتقول إنّ المهلة لحكومة لبنان أيضاً لكي تعلن إنجاز المرحلة الأولى من الخطة الأمنية تماماً، والانطلاق في المرحلة الثانية التي تُعنى بما بين نهري الليطاني والأولي، ربما تكون محدّدة ببضعة أسابيع إضافية ولا تتجاوز الشهرين، أي قبل نهاية شباط المقبل.
تنسيق كامل
وإلى ذلك، نقلت وسائل إعلام عن مصادر أميركية قولها «إنّ الخطة العسكرية لردع «حزب الله» موجودة وجاهزة، مشيرة إلى أنّ التصعيد الإسرائيلي ضدّ «حزب الله» قد يكون مدمّرًا خلال أسابيع ضمن خطط أوسع تهدف إلى رسم خريطة شرق أوسط جديد». وأوضحت المصادر «أنّ التنسيق بين ترامب ونتنياهو كامل وواضح، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، وهو تنسيق مقصود ومعلن حتى في التفاصيل الشكلية، فالظهور بالبدلات نفسها لم يكن مصادفة بل رسالة ديبلوماسية مدروسة تعكس وحدة الموقف».
لكن قناة «الجديد» نقلت عن مصادر ديبلوماسية أميركية، أنّ اللقاء بين ترامب ونتنياهو ركّز على ملفات إقليمية حيوية عدة، أبرزها الملف الإيراني، الأوضاع في غزة، الوضع السوري، بالإضافة إلى العلاقات مع تركيا. وأوضحت «أنّ ملف لبنان، على رغم من تعقيداته، كان يحظى باهتمام واضح في هذا اللقاء، حيث تمّ وضع خريطة طريق محدّدة لتنفيذ الحلول المتعلقة به». وأشارت إلى «أنّ لبنان وضع «الكرة في الملعب الإسرائيلي»، بما يعني أنّ إسرائيل هي الطرف الذي يجب أن يتخذ الخطوات اللازمة، بينما كان هدف نتنياهو من هذا الملف هو التوصل إلى «حسم» بأي طريقة كانت، سواء عبر التفاوض أو العمل العسكري أو حتى عبر المسارين معًا».
















