مناورة حزب الله في عيد التحرير… دلائل سلبية أم إيجابية؟

أثار البيان الذي وزّعه حزب الله على وسائل الإعلام، والذي يدعو فيه الإعلاميين إلى حضور مناورة عسكرية تُظهر إستعدادات المقاومة للدفاع عن لبنان بمناسبة عيد “المقاومة والتحرير”، كثيرًا من التساؤلات والتكهنات.

يُوضح مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات العميد الركن خالد حمادة في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أنّها “ليست المرة الأولى التي يدعو فيها حزب الله إلى نشاط يتّخذ طابعًا عسكريًا ميدانيًا بمناسبة عيد “المقاومة والتحرير”، فقد إعتدنا في سنوات سابقة على تنظيم زيارات كهذه إلى مواقع عسكرية”.

لكن حمادة يُشير إلى أنّ “اليوم طبعًا بلا أدنى شك هناك دلائل ومتغيّرات قد طرأت على المشهد الإقيلمي والمشهد المحلي، وقد حاول حزب الله وسواه من القوى التي تدور في محوره “تجيير” ما جرى في الإقليم لصالحها في ميزان القوى المحلي، في حين أن القوى السيادية أو القوى المعتدلة في لبنان تعاملت بنوع من الواقعية مع الإتفاق الإيراني السعودي”.

ويردف حمادة، قائلًا: “لقد رأينا أن حزب الله من خلال تصريحات أمينه العام السيّد حسن نصرالله أو من خلال زيارات مسؤولين إيرانيين إلى لبنان من ضمنهم رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران كمال خرازي أو وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان حاولوا الإيحاء بأن ما جرى في الإقليم هو نوع من الاضافة إلى رصيد حزب الله في لبنان، وبالتالي هو إنتصار سياسي لما يسمى بمحور المقاومة”.

وعن أهمية المناورة التي سيجريها حزب الله، يعتقد حمادة أنّ “مناورة حزب الله ودعوة الإعلاميين هي رسالة لا تستطيع أن تكون إلّا إلى الداخل اللبناني، الإقليم أصبح في مكان آخر وسمعنا بالأمس تصريحات وزير الخارجية السوري فيصل المقداد من جدة حينما كان يتكلّم بإيجابية عن موقف المملكة العربية السعودية وعن دلالات القمة العربية وجمع كل الدول العربية في هذه القمة وعن طرح مسائل ذات إهتمام مشترك، وهذا طبعًا يُترجم المنحى العربي الجديد الذي قادته السعودية مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع الأردن والعراق ومصر نحو معادلة جديدة في المنطقة”.

وهنا يلفت إلى أنّ “إيران لا تستطيع أن تكون خارج هذه المعادلة، وإلّا فهي ستخرج من الإتفاق مع السعودية وهو ما لا تريده”.

وإذْ يوضح حمادة، بأنّ “حزب الله يحاول اليوم تضخيم موقعه في المعادلة”، معتقدًا أنّ “هذه رسالة لن تستطيع أن تكون موجهة إلّا إلى الداخل لا سيما في ظل الحراك الذي يشهده موضوع رئاسة الجمهورية، تماشيًا مع محاولة “تجيير” كل ما جرى لمصلحة مرشّحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وها هو الآن يستثمر في عيد “المقاومة والتحرير” ليقول بالرغم من كل شيء لا زال حزب الله قادرًا على توجيه رسائل في الداخل والخارج وأنه هو من يحمي لبنان والمقاومة ستبقى موجودة والسلاح أيضًا، بصرف النظر عن كل ما يجري في المنطقة من إتفاقات”.

ويضيف حمادة: “حزب الله غير قادر على توجيه رسالة إلى خارج لبنان”، كما ان “الجامعة العربية لن تستمع الى هذا النوع من الرسائل، حتى إيران لن تضيف على المناسبة ما اعتادت على إضافته في مناسبات مماثلة، فإيران بموجب الإتفاق مع السعودية لا تستطيع أن تُجاهر بدعم أي “ميليشيا” موجودة سواء في لبنان أو في سوريا أو في العراق أو في اليمن”.

وعليه، يستشفّ أن “ذلك يمكن وضعه ضمن إطار الـ”show off” أي الإستعراض المحلي، ومُحاولة إستدراج ما أمكن من ردّات الفعل المحلية عليه بهدف إحباط اي محاولة توحي أن لبنان يستطيع في خيارته السياسية أن يخرج عن خيارات حزب الله وأن ليس هناك من خيار لا يمر بحارة حريك دون موافقة حزب الله”.

ويتابع، “وبالتوازي مع ذلك يجب علينا أن نرى ما ستعلّق عليه قوات اليونيفيل في هذا الموضوع”، مشيراً إلى أنّ “المناورة لن تكون في جنوب الليطاني بل في منطقة شمال الليطاني بما يشكل المزيد من الإحراج للدولة اللبنانية ويضعفها أكثر فأكثر أمام المجتمعين العربي والدولي، لا سيما إذا كان صحيحًا ما ذهب إليه حزب الله بأنه سيُنفّذ مناورة بالذخيرة الحية، فلا داعي حينها أن يقول البعض هناك تنسيق بين الأجهزة الأمنية وحزب الله”.

ويختم الجنرال حمادة حديثه، بالقول: “لنرى ما سيحدث، طبعاً ان أي مناورة بالذخيرة الحية ستكون لها دلالات سلبية وما سيُسمع في الخارج هو مدى الضعف الذي بلغته الدولة اللبنانية وهذا ما سيعكس المزيد من فقدان الثقة بالدولة اللبنانية وما سيرتب مزيدًا من الشروط من قبل الدول التي تحاول إنقاذ لبنان”.

اترك تعليق