الحزب قلق: انتصاراتنا الخارجية لا تصرف في لبنان(قاسم قصير)

عند كل استحقاق داخلي يدور سؤال في مجالس قيادات ونخب الحزب. كيف يمكننا ترجمة انتصاراتنا الخارجية في الداخل اللبناني؟
انتصارات عديدة حققها الحزب مع حلفائه الدوليين والاقليميين، في سوريا بالتعاون مع روسيا وإيران وفي العراق بالتعاون مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي.

في جلسات خاصّة مع مسؤولين في الحزب، يستعرض هؤلاء الإنجازات التي حقّقها الحزب طوال واحد وأربعين عاماً من عام 1982 حتى اليوم، والتي حوّلته إلى قوة إقليمية وعسكرية غير تقليدية حقّقت نجاحات مهمّة في المجالات العسكرية والأمنيّة، إضافة إلى أنّه أصبح قوّة شعبية وسياسية مهمّة في لبنان ويمتلك علاقات مع العديد من الدول والحلفاء في المنطقة والعالم.

لكن في مقابل كلّ هذه الإنجازات والقدرات غير التقليدية يقف الحزب عاجزاً عن إحداث تغيير غير تقليدي في البنية السياسية اللبنانية أو في مواجهة الفساد أو في إقامة تحالف سياسي قادر على حمل مشروع تغييري للنظام اللبناني ينقله من دولة طائفية إلى دولة المواطنة والديمقراطية الحقيقية.

الحزب وإنجازاته
يستعرض المسؤولون في الحزب أهمّ الإنجازات التي تحقّقت من عام 1982 إلى اليوم، فيقولون: “بدأنا في عام 1982 مجموعة مقاتلين شباب من اللجان الإسلامية وحركة أمل الإسلامية وبعض العناصر التي كانت في إطار حركة فتح ومنظمات يسارية ووطنية، وكان الجميع في لبنان والمنطقة يقول إنّنا دخلنا العصر الإسرائيلي المدعوم أميركياً وداخلياً، وبدأنا المقاومة من نقطة الصفر ونجحنا خلال أشهر قليلة في تحويل المجموعات الصغيرة إلى قوّة منظّمة بدعم إيراني وسوري، وحقّقنا الإنجاز الأكبر من خلال العملية الاستشهادية الأولى للشهيد أحمد قصير التي غيّرت مجرى الأحداث في لبنان، وتطوّرت عمليات المقاومة الوطنية والإسلامية والقومية التي أدّت إلى طرد الإسرائيليين من مناطق كبيرة من لبنان، وخلال سنوات قليلة تطوّر الحزب من مجموعات قليلة إلى قوّة منظّمة تمتلك الأسلحة والصواريخ والإمكانيات الأمنيّة والعسكرية، وتخطّينا المشاكل الداخلية وحافظنا على قوّتنا بعد اتفاق الطائف وحقّقنا نجاحات مهمّة على الرغم من استشهاد الأمين العامّ السيّد عباس الموسوي في عام 1992، وخضنا مواجهات غير تقليدية في عام 1993، ثمّ فرضنا في عام 1996 إنجاز تفاهم نيسان بعد صمود بطوليّ، وتجاوزنا مرحلة الرهان على اتفاقيات السلام مع العدوّ الصهيوني وصولاً إلى تحرير الجنوب اللبناني في عام 2000”.

“الحفاظ على القوّة” بعد 2000
يتابع هؤلاء المسؤولون كلامهم: “بعد عام 2000 وعلى الرغم من الرهان على انتهاء دور المقاومة من قبل قوى داخلية وخارجية، حافظنا على موقعنا ودورنا ونجحنا في نقل التجربة إلى داخل فلسطين وتعاونّا مع القوى الفلسطينية وكانت انتفاضة الأقصى في أيلول من عام 2000، ثمّ واصلنا العمليات العسكرية وبناء قواتنا العسكرية وتجاوزنا اغتيال الرئيس رفيق الحريري بربط النزاع مع سعد الحريري والانسحاب السوري العسكري من لبنان في عام 2005 والأحداث الداخلية في عام 2008، ونجحنا في المشاركة في السلطة من موقع قويّ وفاعل من دون التخلّي عن المقاومة، وواجهنا الأحداث في سوريا وتحوّلنا إلى قوّة عسكرية غير تقليدية تمتلك إمكانيات كبرى، وأصبح لنا دور فاعل في كلّ المنطقة ولم نعُد مجموعات مقاتلة وحسب (أو ما يسمّى قوات حرب العصابات أو الغيريللا)، بل اقتربنا من قدرات الجيوش والقوى المنظّمة مع أنّنا لم نتحوّل إلى جيش تقليدي”.
يضيف هؤلاء المسؤولون: “لكن على الرغم من كلّ تلك الإمكانيات والإنجازات، لم نستطع إحداث تغيير جذري في الواقع اللبناني ولم ننجح في مواجهة الفساد أو في بناء مشروع إصلاحي متكامل، واضطررنا إلى نسج تحالفات سياسية وحزبية لمواجهة التحدّيات المختلفة وللحفاظ على موقعنا ودورنا، ولذا نواجه اليوم تحدّياً كبيراً في كيفيّة حماية ما حقّقناه وعدم قيام مشروع سياسي معادٍ لنا”.

وردّاً على السؤال المركزي: كيف يمكن تحويل كلّ هذه الإنجازات الإقليمية والعسكرية على الصعيد الداخلي؟ يجيب المسؤولون في الحزب: “نحن أمام تحدٍّ كبير لأنّنا حريصون على الحفاظ على البنية السياسية والطائفية القائمة، لكنّنا غير مرتاحين للواقع القائم اليوم، وهذا ما دفعنا إلى العمل من خلال الإمكانيات والقدرات التي نمتلكها على تطوير التحالفات السياسية والسعي إلى بناء منظومة سياسية جديدة تحمل مشروع الإصلاح الحقيقي، لكن في الوقت نفسه نحن ندرك حساسيّات الواقع اللبناني الداخلي، ولذا نعمل اليوم على حماية موقع رئاسة الجمهورية والوصول إلى تسوية متكاملة قادرة على حماية الاستقرار في لبنان وتطبيق خطة الإصلاح، لكنّنا في الوقت نفسه لن نسمح بإعادة تشكيل الواقع السياسي الداخلي وفقاً لرغبات الخارج أو بعض أفرقاء الداخل. ونحن متمسّكون بخياراتنا السياسية وجاهزون في الوقت نفسه للحوار والوصول إلى تسوية متكاملة. ومن يظنّ أنّه قادر على فرض مشروعه السياسي علينا فهو واهم. وكما نجحنا طوال السنوات الإحدى والأربعين في بناء القوّة والحفاظ عليها، فإنّنا قادرون اليوم على تجاوز كلّ الضغوط الداخلية والخارجية”.

اترك تعليق