رسالة مفتوحة إلى فقهاء الذكاء الاصطناعيّ (عقل العويط – النهار)

أكتب إليكم بعد استنفاد كلّ الوسائل الممكنة والمستحيلة للخلاص من عصابة الطبقة السياسيّة الحاكمة في لبنان، راجيًا أنْ تجدوا في هذه الرسالة العاجلة جدًّا ما يستحقّ أنْ تعيروها بعض اهتمام.
أحتفظ بتوثيق الجرائم التي تُرتكَب هنا عندنا وفي الجوار كما في أنحاء العالم، وهي جميعها تستوجب استصدار أحكامٍ واقعيّة، وعادلة، في حقّ مرتكبيها؛ أحكام، لا ينفع فيها “التحييد”، لأنّه سيكون محض تعزيةٍ عابرة للمنكوبين بها، في حين أنّ المطلوب هو العثور على حلولٍ مشرّفة ونهائيّة.
لسببٍ “محلّيّ” بحت، أؤثر، من بين كلّ الجرائم الدنيئة اللّامعقولة، أن ألفت عقولكم النيّرة إلى جريمة هؤلاء الذين، في هذه البلاد، لم يتمكّن أحدٌ، لا إلهٌ عادلٌ ولا شيطانٌ رجيمٌ ولا قضاءٌ ولا قدرٌ ولا قصاصٌ ولا حربٌ ولا تفجيرٌ ولا احتلالٌ ولا تحريرٌ ولا ثورةٌ ولا ذكاءٌ طبيعيٌّ ولا وازعٌ عقليٌّ وانسانيّ، من وضع حدٍّ لاستيلائهم على حياتنا ومصائرنا في لبنان.
لو كان هؤلاء، يا لأقدارنا المشؤومة، من أصناف البشر والحيوانات والنبات، لصبرنا صبرًا جميلًا عليهم، منتظرين أنْ يرفرف فوقهم ملاك الموت، فيقبض أرواحهم (على طريقة المتنبّي في هجاء كافور الإخشيديّ: ما يقبض الموت نفسا من نفوسهم/ إلا وفي يده من نتنها عود)، ويذهبون إلى غير رجوع.
لكنّ “زعماءنا” هؤلاء، أبديّون. أزليّون. سرمديّون. مستتبّون راسخون ثابتون إلى دهر الدهور!
كلّما ظنّ واهمٌ بيننا أنّ ساعتهم اقتربت، عاد يكتشف أنّهم، بقدرة قادر، ينبثقون من شبه عدم، فيستعيدون سلطانهم وعبقريّة شرّهم وفسادهم، كأنّهم يباشرون “رسالتهم” الشيطانيّة للتوّ.
حرامٌ، يا سادة الذكاء الاصطناعيّ، ألّا “تخترعوا” طريقة “لإنهاء خدماتهم”. إكرامًا لذكائكم، وانسجامًا مع تطلّعات حلوله العجائبيّة.
“اصطنِعوا” شيئًا من أجل لبنان هذا، لينجو من انتحارٍ محتوم؛ من مثل أنْ تضعوهم في مختبر، أو في “ريتز”، وتفلتوا عليهم ذئاب ذكائكم الجائعة، لسحب ألياف عقولهم وخلاياهم ونخاعاتهم الشوكيّة سحبًا لطيفًا ميمونًا، وإجراء الاختبارات عليها، لاكتشاف جينات هذه “السلالة” التي ينتمون إليها، ومنعها من التسرّب والانتشار.
يا عباقرة الذكاء الاصطناعيّ، شغِّلوا ذكاءكم. استنفِروا جيوشَكم، ونادوا على احتياطيّيكم. إنّي، ولبنان، نستغيث بكم، باسم كلّ القتلى والضحايا والأحياء والناجين والأحرار والأطفال واليائسين والحالمين.
لم تعد قبور اليأس تتّسع. لم تعد المنافي تحتمل. أيّها الفقهاء، ألِّفوا “جمعيّة أطباء” من جهابذتكم لمعالجة مصيبتنا الدهياء. اضربوا ضربتكم الذكيّة، لمرّةٍ وحيدة، هنا في لبنان. نجّونا من هؤلاء الذين عجز الموت عن شلّ أيديهم. أتريدون لائحةً باسمائهم؟ بأسماء أولادهم وأحفادهم وشركائهم؟ بعناوين بيوتهم؟ بأرقام هواتفهم؟ بفئات دمهم؟ بأرقام حساباتهم في بنوك العالم؟ كيف أستطيع أنْ أخدمكم لتسهيل مهمّتكم الإعجازيّة المستحيلة؟
لَشيءٌ يفوق الاحتمال، أنْ نظلّ نتحمّل بعد الآن وجود هؤلاء الذين يستولون على وجودنا ومصائرنا وأولادنا وآمالنا وأموالنا وموتانا ودماء أحلامنا المسفوكة.
يا آلهة الذكاء الاصطناعيّ، لا أطلب منكم أنْ توقفوا الحروب والإبادات والديكتاتوريّات والظلاميّات والعنصريّات والمجاعات والأوبئة والاحتباسات الحراريّة.
أنقِذونا فقط من مصنِّعي الوطاوة والحقارة والسفالة والنذالة عندنا، هؤلاء المسوخ الفاسدين الفاسقين العهّار الأشرار الذين جريمتهم في لبنان هي أمّ الجرائم، ولا يموتون، وإذا ماتوا عادوا يولدون الآن وفي كلّ أوان.
لا أطلب أنْ تبيدوا أفراد هذه العصابة، حاشا، أو تقتلوهم. حاشا. فقط امتصّوا نخاعهم الشوكيّ، اسحبوا “بروستات” عصبهم، سيطِروا على جيناتهم، واتركوهم شهودًا شاهدين عاجزين “مستشهدين”. آمين.

اترك تعليق