إنّها الحفلة.. الحياة تقريبًا صرماية عتيقة!(عقل العويط)

حفلات الأعياد فضيحة. فضيحة اجتماعيّة إنسانيّة أخلاقيّة.
وجائرة، لأنّها لا تستحي. وتعرّي.
التبذير العاهر الذي يرافق زمنها، كم معربِدٌ ومفحِشٌ.
وإلى حدّ القتل البارد الحارّ.
التبذير مطلقًا، هو مقتلة.
فكيف إذا متزامنًا مع تفاقم الحاجات والمذابح والإبادات والمجاعات والمهانات والفظاعات غير المسبوقة.
كمثل فرّاعةٍ تهشّم الحياة، وتهرس بلا رأفة.
كالديكتاتوريّات.
الأعياد كلّها لا هذه الأعياد فقط. وليس من استثناء.
لو استطعتُ، لأعلنتُ الأحكام العرفيّة، نظام الطوارئ ومنع التجوّل.
لَوضعتُ الأعياد في السجون.
لو استطعتُ، لَما عشتُ زمنَ الأعياد.
*
الموتى، الفقراء الجياع الموتى، المسروقة أمانيهم، إلى أين تذهب عيونهم بعد غياب شمس النهار واستتباب المجزرة؟!
عيونهم، الأطفال خصوصًا، عندما تغمض، إلى أين تذهب في عزّ هذا الوضوح المتوحش؟
والأحلام، عندما تُسبَل الأيدي، إلى أين تفرّ هذه الأحلام؟!
*
الحياة تقريبًا صرماية عتيقة. غبار. بقعة دم. جثّة لطفلٍ مهروسةٌ هرسًا.
ونقطة على سطر.
هذا إذا كنتُ، عشيّة أفول العام 2023، أريد تقديم ملخّص يوجز نظرتي إلى المجزرة الأخلاقيّة التي تلفّ العالم من أقصاه إلى أقصاه، فعليًّا ورمزيًّا، وعلى كلّ المستويات.
القيم والمعايير والقوانين والمبادئ والأصول والأعراف، جميعها مضرّجة بالمال أو بالعار أو برائحة الجريمة المنظّمة، المعترَف بها دوليًّا، في رعاية مجلس الأمن الدوليّ، ومراكز القوى الاقتصاديّة والعسكريّة، والأحلاف. والأديان السماوية وغير السماوية. وهلمّ.
الحياة سعرها أقلّ من رصاصة. دولار واحد. فقط لا غير.
رغيفٌ واحدٌ، بكرامة، يكفي.
لكنّ القطار يواصل مسيرته نحو المحطّة الأخيرة، بعزمٍ أكيد، وبإرادةٍ أبوكاليبتيّة غير قابلة للمساومة. وإذا لم يكن ثمّة محطّة للنزول، فإنّه ممعنٌ. ولا هوادة. وصولًا إلى الهول الأقصى.
العالم تنظيمٌ سرّيٌّ للصهيونيّة.
القاتل حرٌّ أينما كان.
العدالة معرسة (أو معرصة).
المعادلة لم تتغيّر يومًا: الغلبة للوحش. الإنسان هو الوحش.
في خضمّ هذه المعادلة الأزليّة الأبديّة؛ الله، أين هو الله؟!
أيجب أنْ أسأل، متوقّعًا الحصول على جوابٍ شافٍ: لماذا فلسطين هي دائمًا وأبدًا قميص عثمان (فقط قميص عثمان) لدى “حزب الله” وإيران وسائر البلدان، ولماذا هي كبش هذه المحرقة الوجوديّة؟
على الهامش، هل يجب أنْ أسأل لماذا يُمنَع على لبنان أنْ يكون أرضَ حياةٍ، وأنْ يكون دولة؟
ولن أسأل، لكي لا أصير مسخرةً، لماذا لا يُنتخب رئيسٌ لهذا البلد الصغير. إنّي أُحجم عن طرح السؤال لأنّي أيضًا مسخرة.
كم يبدو لبنان نقطةً قتيلةً غير مرئيّة على هذه الخريطة الكونيّة الواضحة المعالم.
عشيّة رأس السنة 2024، كم أتمنّى، أنا بيت القتال الضاري بين الأمل واليأس، أنْ أنام لكي لا أشهد.
إنّها الحفلة. الحياة تقريبًا صرماية عتيقة. كاسك أيّها العالم!
Akl.awit@annahar.com.lb

اترك تعليق