جنوب لبنان… لا تهدئة ولا توسعة

إلى أين تتّجه جبهة الجنوب؟ سؤالٌ ازداد تَوَهُّجه في الساعات الماضية، في ضوء تثبيت «حزب الله» معادلةً ستحْكم الحدود اللبنانية الإسرائيلية – كما «أخواتها» من ساحات محور الممانعة – على قاعدة «أوقِفوا العدوان على غزة أولاً لتهدأ الجبهات، وبعدها لكل حديث» في ما خص الترتيبات التي يُعمل عليها لـ «اليوم التالي» بعد حرب غزة ولا سيما في ما خص الوضع بجنوب لبنان.

وفي حين يصعب تفكيك «النيات النهائية» لإسرائيل في ما خص الحرب على لبنان، هي التي لا تنفكّ ترفع وتيرة تهديداتها، فإنّ غباراً كثيفاً تصاعَد بعد المواقفَ التي أطْلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أخيراً، وعكستْ «صموداً» على شعار «المشاغَلة لإسنادِ غزة»، مضيفاً إليه «يا هلا ومرحب بالحرب» إذا أرادتْها تل أبيب، معطوفةً على ما أدلى به الناطق العسكري باسم «كتائب القسام» «أبوعبيدة» عن «أن ما يصلنا من جبهات عدة في المقاومة أنهم سيوسعون ضرباتهم في الأيام المقبلة إذا استمر العدوان»، وهو ما أثار علامات استفهام حيال هل بدّل الحزب في مقاربته لمنسوب تحريك جبهة الجنوب.

وما زاد من الضبابية، أن نصرالله بدا وكأنه أجهض في شكل حاسم محاولة واشنطن عبر موفدها آموس هوكشتاين، إرساءَ حل مرحليّ لجبهة الجنوب على قاعدة تبريدها بما يتيح عودة النازحين الإسرائيليين واللبنانيين على مقلبيْ الحدود، وهو الأمر الذي يستوجب وقف «حزب الله» عملياته في ما يَعتبر الأميركيون أنه تَماثُل مع اتجاهِ حرب غزة لدخول مرحلةٍ ثالثة يتحوّل معها القطاع «منطقة عمليات عسكرية» أكثر منه ساحة حرب، وذلك تمهيداً لمفاوضات الحلّ المستدام في جنوب لبنان ارتكازاً على تفاهُم بري مكمّل لاتفاق الترسيم البحري وإن من دون اشتماله على مزارع شبعا أقله في فترة التحضير لـ «الاتفاق الإطار».

على أن عارفين بخفايا المقاربة التي يعمل عليها «حزب الله» وينطلق منها، يعتبرون أن نصرالله رَسَم في إطلالته معادلةً جديدة قوامها «لا تهدئة ولكن لا حرب نحن نبادر إليها»، بمعنى أن الحزب لن يوقف الجبهة قبل انتهاء العدوان على غزة، ولن يوسّعها في الوقت نفسه وسيستمر في الإشغال حتى إشعارِ آخَر، في حين أن كلام «أبوعبيدة» لا يعني الجبهة اللبنانية بل ساحات أخرى في محور الممانعة، بينها اليمن، حيث رفع الحوثيون مستوى التحدي باستهدافهم سفينة، في ما بدا ترجمةً سريعة للتهديدات بأن السفن الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر أضيفت إلى «بنك الأهداف».

وبحسب المصادر فإن «توسيع الضربات» قد يشتمل على رفْع المجموعات العراقية الموالية لإيران من عملياتها ضد الأميركيين وضد أهداف إسرائيلية، ربطاً بما كَشَفه نصرالله عن «إصابة هدف» بصاروخ كروز قبل نحو أسبوع في حيفا، وربما أيضاً حقل كاريش.

ووفق المصادر، فإن ثمة قراءة بأن إسرائيل لا تريد حرباً على جبهتها الشمالية فيما تتعرض لضغوط هائلة لوقف حربها على غزة، وأنها مرتابة من غزارة صواريخ «حزب الله» الذي استخدم في مئة يوم، 1000 صاروخ كورنيت «من المدى الجديد»، كما أسماه الأمين العام للحزب.

من هنا، بدا من الصعب استشراف أفق الوضع جنوباً، وسط الخشية من أن بقاء «كرة النار» في غزة على اشتعالها واستمرار جبهات الإسناد على حِراكها، وإن بتفاوُت بين ساحة وأخرى، ربْطاً بقرار إيران بتفادي الانجرار إلى حرب شاملة وبتقديرها للساحات التي يمكن رفْع مستوى العمليات منها من دون أن يتسبب ذلك بالضغط على «زر التفجير»، وفي ظل توقُف أوساط سياسية عند أن تل أبيب تمضي في زيادة وتيرة استهدافاتها جنوباً حيث أغار طيرانها الحربي، ليل أول من أمس، مجدداً على نقاط شمال الليطاني وتحديداً في إقليم التفاح وجبل صافي، ما أدّى إلى انقطاع التيار الكهربائي في قضاء جزّين، وذلك بعدما كانت تل أبيب تحدّثت عن مقتل إسرائيلية في منزلها ضمن تجمّع سكاني في إحدى مستوطنات الشمال بصاروخ أطلق في وقت سابق من لبنان.

اترك تعليق