قال مرجع كبير لـ«الجمهورية» إنّه لا يستغرب التصعيد الإسرائيلي على الإطلاق، في ظل التراخي الفاضح من قبل لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ومراوغة الدول الراعية لهذا الاتفاق التي نيّمت لبنان على حرير الوعود والاوهام، فيما هي تخلّت عن مسؤوليتها واعتمدت مبدأ «شاهد ما شفش حاجة»، غطّت به حرّية الحركة التي منحتها لإسرائيل لتجاوز اتفاق وقف اطلاق، وإكمال عدوانها.
وفي رأي المرجع عينه «انّ التصعيد واحد ونتيجته واحدة، وهي انّ اللبنانيين يدفعون الثمن، بمعزل عمّا إذا كان هذا التصعيد مرتبطاً من جهة بشعور إسرائيل بأنّها بعد الحرب مع إيران وانخراط الولايات المتحدة إلى جانبها، صارت محميّة اكثر، بما يمنحها حرّية الحركة أكثر نحو تثبيت واقع أنّ يدها وحدها هي العليا فيه. او مرتبطاً من جهة ثانية بحاجة إسرائيل إلى التعويض عن فشلها في تحقيق الانتصار الحاسم على إيران، وعن الخسارة المعنوية وغير المعنوية التي مُنيت بها في هذه الحرب، ولذلك نقلت جهدها التصعيدي إلى غزة ولبنان».
وتبعاً لذلك، يؤكّد المرجع عينه «انّ لبنان على التزامه باتفاق وقف إطلاق النار، وكل الأطراف من دون استثناء أيّ منها، مدركة أصلاً أنّ لبنان لا يستطيع أن يجازف بأمنه. ولكن الوضع دقيق جداً بل اكثر من مقلق، وما يُخشى منه – وهذا أمر غير مستبعد على الإطلاق – هو أن تتعمّد إسرائيل رفع وتيرة التصعيد اكثر في هذه المرحلة، مع ما قد يستتبعه ذلك من سيناريوهات دراماتيكيّة وربما مفاجآت تغيّر من قواعد اللعبة».
السلاح على النار
هذه الوقائع، تتزامن مع وضع ملف سلاح «حزب الله» على النار، وعلى ما يرجح متابعون لهذا الملف وما يحيط به من طروحات ومراسلات ونقاشات في المجالس السياسية، فإنّ ملامح اشتباك داخلي تحوم حوله، ترجّح التقديرات فتح حلبته في المدى القريب المنظور.
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ الورقة الأميركية التي قدّمها الموفد الأميركي توماس براك إلى الرؤساء الثلاثة، يبدو انّها مطروحة لنقاش خلف الجدران، لا تؤشر مجرياته إلى انّه من النوع القابل لأن يصل إلى مساحة التقاء داخلية حول مضمونها الذي يتمحور في جوهره على مسألة وحيدة، وهي التعجيل في سحب سلاح «حزب الله» في كلّ لبنان، وليس فقط جنوبي نهر الليطاني.
وبحسب المعلومات، فإنّه على الرغم من الانقسام الداخلي حول ملف سلاح «حزب الله»، فإنّ جهات سياسية ممثلة في الحكومة، ومناوئة لـ«حزب الله» وسلاحه، ترى في الورقة الأميركية نافذة حل، وتشجع على مقاربة عاجلة لمضمون هذه الورقة على طاولة مجلس الوزراء، واتخاذ قرار صارم حول هذا السلاح، مستندة بذلك إلى الحاجة إلى إزالة ما سمّتها كل مسببات التوتير وإعاقة مسار نهوض البلد، التي يتصدرها سلاح «حزب الله».
الّا انّ هذا الامر، وفق المعلومات، دونه تحذيرات جرى التعبير عنها من مستويات رفيعة في الدولة من التسرّع في الإقدام على خطوات غير محسوبة، او «دعسات ناقصة». ومخاوف من أن تؤدّي أي خطوة من هذا النوع لا إجماع عليها، إلى تعميق الشرخ السياسي أكثر، وأزمة كبرى ليس فقط في داخل الحكومة بل على مستوى البلد بصورة عامة.