اتصالات مكثّفة تسبق “الثلاثاء الكبير”

تشهد المقرات الرئاسية اللبنانية حركة كبرى بعيدا من عدسات الإعلام، تحضيرا لما يُطلق عليه اسم «الثلاثاء الكبير»، موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء المدرج على جدول أعمالها مناقشة بند حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.

يتزامن ذلك مع انتصاف السنة الأولى من عهد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الذي انتخب في 9 يناير بأكثرية 99 صوتا من أعضاء المجلس النيابي الـ 128، وهو لم يتردد يومذاك في خطاب قسمه اليمين رئيسا للبلاد من ساحة النجمة، التي دخل قاعتها العامة للمرة الأولى والأخيرة رئيسا منتخبا للجمهورية بعد فراغ رئاسي بدأ منذ 31 أكتوبر 2022، في التطرق إلى مسألة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتكريس سيادتها على أراضيها من دون شريك.

ومنذ ما قبل انتخابه الرئيس الـ 14 للبلاد بعد الاستقلال، كانت للعماد جوزف عون تفاهمات مع أطراف داخليين وخارجيين التزم بها في ولايته الرئاسية، ولم يحد عن أي منها. وتشدد رئيس البلاد في حماية المكون اللبناني، وجهد لإقناعه بضمانة سقف الدولة. وعلى خط مواز، ناقش مع الوسطاء الدوليين وتحديدا الأميركيين في مسائل عدة مطلوبة من لبنان، بينها إصلاحات إدارية واقتصادية ونقدية، وصولا إلى مسألة السلاح غير الشرعي. وكرر رئيس البلاد من منابر دولية عدة أبرزها من قصر الإيليزيه في فرنسا في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس إيمانويل ماكرون، بضرورة التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع 27 نوفمبر 2024، وقال: «لا شيء لدى لبنان ليقايض به إسرائيل من أراض محتلة وأسرى».

رئيس الجمهورية انتقل إزاء الضغوط الدولية الكثيفة على لبنان إلى المضي قدما في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار ولو من جانب واحد في ضوء تفلت إسرائيل من الاتفاق، انتقل إلى مصارحة اللبنانيين بما جرى حتى الآن، عارضا من منبر قاعة العماد جان نجيم في مقر وزارة الدفاع الوطني باليرزة في مناسبة عيد الجيش، للملاحظات اللبنانية على الورقة الأميركية التي حملها الموفد توماس باراك، والتي لم تلق أي تجاوب أميركي أو إسرائيلي. وجاءت المصارحة الرئاسية بالتوجه إلى أهل الداخل المعنيين بمسألة تسليم السلاح، أي «حزب الله»، من بوابة تجنيب البلاد مواجهة كبرى مع المجتمع الدولي، تعطي غطاء لإسرائيل في متابعة حربها الموسعة على لبنان.

وحتى موعد جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء، تستمر الاتصالات الرئاسية مع «الطرف اللبناني المعني»، أي «حزب الله» للوصول إلى اتفاق يتعلق بمسألة تسليم السلاح، في مقابل العمل أيضا على بقية الأسلحة المتفلتة خارج إطار الشرعية من فلسطينية ومنظمات لبنانية تدور في الفلك عينه.

وأشارت معلومات خاصة بـ «الأنباء» إلى «ان العمل يقوم على الوصول إلى تفاهم مع الحزب بعيدا من التسبب بأي مأزق لا يصب في مصلحة البلاد والحزب تاليا، بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة الكبرى بين 20 سبتمبر و27 نوفمبر 2024. واستبعدت المعلومات حصول خلافات داخل الحكومة التي يتمثل فيها «الثنائي الشيعي» بحصة وزارية كاملة، وذكرت أن الهدف تأمين التفاهم وليس الاختلاف، تمهيدا للدفع بالبلاد إلى مساحة من الأمان والازدهار ينتظرها أهلها والبعض منهم يعتقدون انها قد لا تأتي..

عمل وجهد من أركان الحكم في لبنان على تنفيس الاحتقان، توازيا مع ارتفاع الكلام عن ضربات إسرائيلية محتملة، لم تغب في الأساس عن البلاد، وآخرها يوم الخميس تزامنا مع وجود قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي مايكل كوريلا في بيروت، حيث ضربت الطائرات الحربية الإسرائيلية أهدافا بين الجنوب والبقاع الشمالي.

وفي شق «تبريد الأجواء» حكوميا، تساءل مقرب من مرجع رسمي لـ«الأنباء»: «هل شكل خطاب رئيس الجمهورية في عيد الجيش أمس الأول ضمانة للحزب، بعدما أقفلت أبواب الضمانات دوليا بأي شكل من الأشكال، بل على العكس ترجمت تصعيدا إسرائيليا كبيرا؟».

وأضاف المصدر: «إزاء المخاوف من الإرهاب أو الاستهداف من الجماعات المتطرفة، فقد أكدت الدولة أن الجيش هو الذي يلتزم بحماية جميع اللبنانيين وهذه مسؤولية الدولة الأساسية. وقد تضمنت كلمة الرئيس عون ان لبنان وضمن رده على الورقة الأميركية، طالب بمساعدة دولية في تنظيم الحدود البرية ومنع التهريب أو أي عمليات تسلل، وحل مشكلة النازحين التي يخشى أن تتحرك الخلايا الإرهابية تحت ستارها».

اترك تعليق